وإذا أسلم السلعة للموكل ثم زعم أنه زاد فيها زيادة تلزم الآمر. فإن هذا عند ابن القاسم يقبل منه إن ادعى ذلك بالقرب من زمن تسليم السلعة للموكل.
وإن ادعاه بعد طول لم يقبل منه. وهذا لكون العادة تُبعد دعواه إذا ادعى ذلك بعد تسليم السلعة بزمن طويل. إلا أن يكون له عذر في تأخير ذكر ذلك إلى الآن.
وأما إن زاد في الثمن زيادة كثيرة فإن ذلك لا يلزم الآمر، ولكنه له أن يلتزمه لكون الوكيل مقِرًّا أنه إنما اشترى للموكل، فله أن يقبل ذلك، ويَجبِر لتعدّيه عليه.
وأما إن أمره أن يبيع سلعة بثمن محدود، فإنه لا يلزم الموكل بيعُها بدون ذلك وإن قلّ النقص. بخلاف الزيادة القليلة إذا أمر الوكيل بالشراء، وذلك لما أشرنا إليه من كون الشراء لا يتأتى غالبًا بما يحدّه الآمر حتى لا يزاد عليه شيء، وغرضه تحصيل المشترَى، ولا يحصل إلا بتمكين الوكيل من زيادة يسيرة. وأما البيع فإنه لا يلزم الموكلَ لكونه يتأتّى بما حدّ له، أو يردّ على الموكل ما وكله على بيعه.
وقد أشار بعض المتأخرين إلى أنه لا فرق بين الوكالة على البيع أو على الشراء في أن الموكل على البيع ينبغي أن يسامح بأن يبيع بنقص خف يسير عما حدّ له، وتردّد في هذا.
والتحقيق يقتضي أَلاّ فرق بين الوكالة على البيع أو على الشراء في كون الوكيل لا يبيع أو يشتري إلا بما حدّ له، من غير زيادة في الشراء، وإن قلّت، أو نقص في البيع، وإن قلّ.
هكذا مذهب الشافعية فيمن أُمِر أن يشتري بثمن حُدّ له فإنه لا يمكن من الزيادة عليه، وإن قلت الزيادة.
وهذا الذي قالوه من المساواة بين الأمرين هو مقتضى التحقيق. فإن التفت إلى فرق بينهما فلا طريق له بتحقيق إلا التمسك بالعرف والعادة، بأن