بالبيع. بدنانير فيبيع بعرض. أو مخالفة في النقدية بأن يأمره أن يبيع بعشرة دنانير نقدًا، فباع بدنانير إلى أجل. أو يأمره أن يبيع بعشرة إلى أجل فيبيع بعشرة نقدًا.
وذكرنا هناك اختلاف الشيخ أبي محمَّد بن أبي زيد وابن التبان في هذا.
وهكذا ذكر أبو حامد الإسفرائيني أن المسألة عندهم على وجهين، أحدهما. لزوم ذلك للموكل لأن الوكيل لم يزده بما فعل إلاّ خيرًا. والثاني: أن ذلك لا يلزم, لأن الموكل قد يكون له غرض في بقاء الدنانير في الذمة، وقد أوعبنا الكلام على هذا في كتاب السلم الثاني.
وأما إن كانت المخالفة في مقدار الثمن، بأن يأمره أن يشتري عبدًا بمائة، فاشتراه على الصفة التي رسمها له بأقل من مائة دينار، فإن ذلك لازم للموكل، لأنه مقتضى العرف في هذا الخطاب، ومعناه: اشْتَرهِ بمائة فأقلّ. فإن وضع للموكل، وأصلح له، فما يريد إلا ما هو الأفضَل له والأنفع.
وهكذا مذهب الشافعي. ولكن شرطوا أن يكون العبد يساوي مائة دينار، لكون الآمر نصّ على المائة، وقد يكون له غرض في ألاّ يملك إلا من كانت قيمته مائة دينار.
ولو أمره بشراء عبد بعينه التزم الآمرُ ذلك. ولم يشترطوا فيه أن يكون قيمة العبد مائة دينار لمّا عيّن ما يشتري له، بخلاف ما لا يعيّنه.
وأما إن اشتراه بأكثر من مائة دينار، فعندنا أنه تعتبر الزيادة على المائة هل هي يسيرة، كالدينار والدينارين في أربعين دينارًا، أو الدينارين والثلاثة في المائة دينار، فيلزم ذلك للآمر من جهة العرف والعادة، لكون السلع المبيعة على اختيار أربابها قد لا ينحصر اختيارهم إلى حدّ بعينه. فإذا عُلِم هذا صار معنى أمر الآمر اشتراءَها بمائة دينار وما قاربها مما عادة الناس يزيدونه فيما حُدَّ لهم.
ولكن هل يقبل قول الوكيل: إنه قد زاد هذا المقدار أم لا؟ هذا يجري على القولين فيمن أمران يخرج من ذمته إلى أمانته. وقد كنا تكلمنا على هذا الخلاف فيما سلف من كتب البيوع، وقد نعيده فيما بعد، إن شاء الله تعالى.