شرح التلقين (صفحة 2063)

يكون العرف في البيع منع الوكيل من النقص مما حُدّ له، وإباحة ذلك للمشتري إذا قلّت الزيادة. هذا حكم ما حُدّ من الأثمان للوكيل.

وأما ما حدّ في المثمونات، مثل أن يوكل رجل رجلًا على أن يشتري له جارية على صفة سماها له، فاشترى له جاريتين على تلك الصفة بالثمن الذي حدّ له في الجارية الواحدة، فإن ذلك لا يخلو من وجهين. أحدهما: أن يشتري واحدة بعد واحدة، والثاني أن يشتريهما صفقة واحدة.

فإن اشتراهما واحدة بعد واحدة، فالأولى للموكل، والثانية للوكيل إذا لم يختر الموكل أخذها وقد اشتراها له. ويرتجع من الوكيل الثمن الذي دفعه فيها، إذا كان قد دفع إليه جميع الثمن الذي حدّ له أن يشتري به.

وإن اشتراهما في صفقة واحدة، ولم يقدر أن يشتري واحدة مفردة، فإن ذلك لازم للموكل لأنه زاده خيرًا بأن دفع المائة دينار، التي أمره أن يشتري بها جارية، في جاريتين على صفة ما أمره به الموكل. وتكون له الزيادة ها هنا في المثمون كالنقص من الثمن المحدود, لأن الغرض ها هنا، بالتحديد ألاّ يتعداه الوكيل بما هو أضرّ بالموكل. وأما تعدّيه بما هو نفع له فلا ينسب فيه إلى الوكيل تعدّيًا لكون الغرض يقتضيه، فخرج عن حكم اللفظ بمقتضى الغرض والقصد.

وقد أشار بعض أشياخي إلى أن الأمر إذا كان كذلك فإنه لا يختلف المذهب في لزوم ذلك للموكل، وإنما الخلاف الذي وقع في المذهب محمول على من قدَر أن يشتري واحدة فعدل عن ذلك إلى أن اشترى اثنتين. والخلاف في هذا ينحصر إلى القولين. أحدهما ما ذهب إليه أصبغ من أن الجاريتين يلزمان الموكل. ولم يقيّد هذا الجواب يكون الوكيل قادرًا على الإفراد أو غير قادر.

وإنما قيّده ابن المواز، وذكرنا أن تقييده أشار بعفض الأشياخ إلى أنه لا يخالف فيه.

والقول الثاني إثبات التخيير للموكل. ولكن في ماذا يكون له التخيير؟ فيه قولان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015