فذكر في المدونة، فيمن أمر رجلًا أن يُسلِم له في طعام، ففعل، فردّ المسلم إليه دراهمَ زيوفًا، فقال: هي مما دفع إليّ الوكيل، فصدقه الوكيل في ذلك، وأقر أنها دراهم الآمر، يلزمه بدلُها، بإقرار وكيله, لأنه ائتمنه، فهو مصدق عليه في أنها دراهمه، وصار اعترافه بذلك كاعتراف الموكل.
وذكر في الموازية في وكيل وكِّل على بيع سلعة، فاطلع المشتري على عيب فيها، فشك أهل المعرفة هل حدث هذا العيب عند المشتري أو كان قديمًا عند الموكل؟ فاعترف الوكيل أنه كان عند الموكل، فإنه لا يصدق على الموكل، ولا يمكّن المشتري من الردّ بهذا العيب بمجرد قول الوكيل.
وظاهر هذا خلاف ما قال في المدونة.
وقال مطرّف وابن الماجشون، فيمن وكل على شراء سلعة، فلما اشتراها زعم أنه شرط في العقد شرطًا يفسد البيع: إنه يصدق في ذلك مع يمينه، إن كان لم يدفع السلعة إلى الموكل. وإن نكل، عن هذه اليمين فإنه يغرم للبائع قيمة السلعة التي أفات عليه بنكوله عن هذه اليمين. ومراده غرامة الوكيل المقرّ بهذا الفساد، لإكمال القيمة إن زادت على الثمن الذي قبضه البائع. قال: وإن كان الوكيل لم يقر بهذا الفساد إلا بعد أن دفع السلعة إلى الموكل له على شرائها، فإن قوله غير مقبول، ويغرم القيمة للبائع، لكونه معترفًا أنه أفات على البائع سلعة يجب عليه أن يردها إليه، بدفعها لمن وكله.
وهكذا ذكر عيسى في المستخرجة أن الوكيل يصدق في إقراره بالفساد.
ولكنه أطلق القول في ذلك، ولم يفرق بين كون الوكيل أقر بهذا قبل أن يدفع السلعة إلى موكله أو بعد أن دفعها. وظاهر هذا الإطلاق أنه يقبل قول الوكيل في الحالين، كما يقتضيه ظاهر المدونة فيما حكيناه عنها. وإن كان قد قال بعض المتأخرين بأن الوكيل إنما صدقه، في المدونة، في كون هذه الدراهم الزيوف دراهم الآمر، لأجل كون الطعام المسلم فيه لم يقبض، وإذا كان لم يقبض فقد بقي من أفعال الوكيل في ما وكل عليه وجه، فصارت الوكالة لم تنقطع علاقتها، فصُدق الوكيل فيما يقول، حتى إذا قبض الطعام انقطعت الوكالة وعلاقتها،