فإذا كان المراد بقوله: أقرّ عني، هذا المعنى لم يفترق اللفظان، ولا ينبغي أن يتصور الخلاف. وربما كانت قرائن وألفاظ تحل محل النطق فلا يكون للخلاف فيها وجه. وإن اقتضت قرائن أنه لم يرد بالخطاب أن يجعل قوله كقوله، بل أراد وجهًا آخر يمنع من صرف القول إليه، ولا يتضمن كونه معترفًا، لم يكن هذا القول الواقع على هذه الصفة بالذي يوجب على الموكل ما أقرّ به الوكيل.
ولما أشار أبو حامد إلى الاختلاف عندهم في هذا القول إذا قال له: أقرّ عني لفلان بألف درهم، فإنه أجراه، أيضًا، على الوجهين المتقدمين، هل يسقط هذا الإقرار عن الموكل أو يلزمه، ويُرجع في تقرير هذا المال إليه.
قال: ولو قال له: أقرّ عني، ولم ينصّ على عدد ما يقرّ به عنه، بل أورد هذا اللفظ مطلقًا، فإنه على وجهين:
أحدهما: أن هذا الإقرار لا يلزم الموكل، لإمكان أن يكون أراد بقوله:
أقرّ عني، بأمر غير الحقوق المالية، إما بإخبار عن حال من الأحوال، أو غير ذلك مما في معناه.
والوجه الآخر: أن هذا الإقرار يلزم الموكل، ويُرجع في تعبير ما لم يقرّ به الوكيل عنه إلى الموكل.
وهذا، أيضًا، لا يتصور فيه خلاف، إذا قال: أقرّ عني، في خصام في حقوق ومراجعة ومحاورة في ذكر مال والطلب به، حتى يفهم من هذا الإطلاق أن المراد به كالمراد بالمقيّد، وهو قوله: أقرّ عني بمال.
ومحصول الأمر في هذا يرجع إلى ما نبهناك عليه من اعتبار المفاسد بهذه الألفاظ، فهذا الذي يعتمد عليه.
والجواب عن السؤال. الخامس أن يقال:
اختلف المذهب فيمن وكَّل على بيع سلعة أو شرائها، هل يقبل قول الوكيل، بعد انقضاء العقد، على ما يتعلق بالعقد، مما يوجب فسخه أم لا؟