وإن تطوّع الوكيل بالتزام العهدة، سقط مقال المشتري. وقد أسقط مقال المشتري من عهدته إذا أتى مستحق فأجاز البيع وصارت العهدة عليه، فلم يعتبر ها هنا تبدّل العهدة. وسنبسط القول فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وهذا حكم الوكيل المعين إذا باع. فأمّا إذا اشترى فإنّ الثّمن عليه، نقدًا كان الثّمن أو مؤجّلًا. وهذا إنّما فارق حكم البيع لأجل أنّ العادة أنّ من وكّل على شراء سلعة دفع إليه ثمنها. وأيضًا فإنّ العهدة أمدها مترقّب إذا طرأ استحقاق أو اطّلاع على العيب. وهذا قد لا يقع، فلهذا لم يجعل على الوكيل عهدة فيما باع، وجعل عليه المطالبة بالثّمن, لأن كلّ مثمون لا بدّ أن يكون له ثمن. وقد قال فيمن أمران يأخذ دراهم سلما على طعام: إنّ الوكيل لا يطالب بالطّعام المسلَم فيه، وإن كان قد اشتراه بالدّراهم الّتي دفعها المسلم عليه، ثمّ مع هذا لم يكن عليه دفع ثمنها وهو طعام السلم لمّا لم تجر العادة بمطالبة الوكيل بما أخذه سلما في ذمّة غيره.
والجواب عن السؤال الثّاني عشر (?) أن يقال:
إذا كان لرجل سلم في ذمّة إنسان فولاّه لآخر، أو أشرك فيه، أو باعه إن كان مِمّا يجوز بيعه قبل قبضه كالعروض والحيوان، فإنّه لا عهدة ها هنا على المُولَّى، ولا على المشرك، ولا البائع الثّاني. لأنّ معنى العهدة ضمان المبيع، وهو لم يصل إليه فيضمنه، وإنما باع ذمّة غيره، ومعنى ذمّة كأنّه شيء مضمون على غيره، فلا تكون عليه عهدة.
وأمّا إن كان المولّى أو المشرك فيه أو المبيع شيئًا معيّنًا قبضه مشتريه وصار في ضمانه، ثمّ نَقَل ملكه عنه إلى غيره، فإنّ ذلك إن وقع بعد أن اشتراه وقبضه بعد تراخ وانفصال من الأوّل وافتراق منه، فإنّ العهدة على هذا البائع الثّاني.