وأمّا إن وقع ذلك بفور شراء البائع الثّاني وقبل افتراقه من الأوّل الّذي باع منه، فإنّ التّولية والشّركة تسقط عنه فيها العهدة، اشترط إسقاطها أو لم يشترط.
وأمّا البائع، فالعهدة عليه، لكنّه يجوز أن يشترطها على البائع الأوّل ويسقطها عن نفسه. وإذا كان وقع عقد الثّاني على الوجه الّذي قلنا: لا عهدة عليه فيه وهي على الأوّل، فإنّه ذكر في الموّازيّة في الشّركة والتّولية أنّه يجوز أن يشترطها المولّى والمشرك على نفسه. وقال ابن الموّاز: في هذا مغمز، لأنّه كضمان بجعل.
وهذا الّذي ذكرناه عن المذهب من ثبوت العهدة على البائع الثّاني إذا وقع بيعه بعد انقضاء اشترائه من الأول وافتراقه منه. ووجهه أن الأصل ثبوت العهدة على من باع ملكه، وهذا باع ملكه بعد أن قبضه وصار إليه وسقط ضمانه عمّن باعه منه، فصار ذلك كبيع الإنسان ما ورثه أو اشتراه من بائع باع منه من أعوام كثيرة. فإذا كان هذا العقد وقع بفور شرائه من الأوّل وفي حين مواجبة البيع، فكأنّه لم يشتره، ويقدّر أنّ المشتري الآخر إنّما اشتراه من البائع الأوّل. لا سيما والمخالف يذهب إلى أنّ البيع لا يتمّ إلاَّ بافتراق المتبايعين.
وأمّا التّفرقة بين البيع والتّولية، فإنّ. التولية والشّركة مقتضاهما أن يحلّ الثّاني محلّ الأوّل، ويسقط حكم الأوسط, فتصير العهدة على البائع الأوّل، ويقدّر الّذي أشرك في سلعته أو ولاّها كأنّه لم يملكها، وإنّما صار كواسطة بين الآخِر والأوّل الّذي باع من الأوسط. فإذا كان العقد على جهة البيع وتحويل جنس الثّمن أو تحويل مقداره بَعُدَ، ها هنا، أن يُقَدَّر كأنّه لم يكن.
قال القاضي أبو محمّد رضي الله عنه في فصل قبل هذا: وكلّ مبيع هلك قبل قبضه فهو من المشتري إذا كان متعيّنًا متميّزًا. وإن كان مِمّا يجب فيه حقّ توفية، فهو من البائع.
قال الإِمام رحمه الله: يتعلّق بهذا الفصل سؤالان. أحدهما أن يقال: