أنّ البيع لم يتمّ فيه. وقد ذكرنا أنّ المبيع إذا ردّ بالعيب، ردّ السمسار الجعل.
فإذا فات المبيع وكان مقدار الرّبع من الثّمن، ردّ السمسار الرّبع من الجعل الّذي أخذ. هكذا ذكر ابن سحنون.
وعلى هذا لو لم يفت عين المبيع، ولكنّه حدث عنده به عيب مفسدٌ، واختار المشتري أن يردّ المبيع وما نقصه من العيب، لكان للسمسار من الجعل بمقدار ما غرمه المشتري لمّا ردّ المبيع, لأنّ الّذي غرمه مضى البيع فيه وغرم ثمنه وما سواه انتقض المبيع فيه، فوجب ردّ الجعل فيه.
ولمّا ذكرنا أيضًا الاختلاف في الوكيل المعيّن عن بيع شيء معيّن، هل عليه العهدة أم لا؟ فإنّ هذا الاختلاف إنّما يتصوّر إذا ذكر عند البيع أنّه وكيل لغيره. وأمّا إن سكت عن ذلك، فإنّ العهدة عليه، لأجل أنّ المشتري إنّما عاقده مالك السلعة في كون العهدة عليه. ولو ثبت بعد البيع أنّه (?) وكيل لغيره ولم يكن هو ذكرذلك حين العقد، فإنّ المشتري إن شاء التزم المبيع على أنّ عهدته على الموكّل، وإن شاء ردّه لسقوط العهدة عن مالكه. إلاَّ أن يلتزم له الرّسول العهدة، فيسقط مقاله. ولا يلزم الرّسول التزامها. هكذا ذكر في الموّازيّة.
وقد يقال في هذا عندي: إنّ المشتري دخل مع الوكيل على أنّه إنّما تكون العهدة عليه لكونه لم يذكر له أنّ المبيع لغيره، فمن حقّ المشتري أن يطلبه بهذا الالتزام الّذي التزمه له. وقد قال في الموّازيّة: لا يجبر الوكيل على ذلك.
فيمكن أن يكون رأى مجرّد هذا الفعل الّذي وقع من الوكيل لا يكون التزامًا للعهدة، وإذا لم يكن التزامًا لكونه يمكن أن يقول الوكيل: قد علمت أنّها لغيري والعهدة على غيري. وثبت بالبيّنة بعد وقوع العقد أنّ الأمر كذلك، فأشبه أن يعتقد الوكيل أن يستغني عن ذكر ذلك، فإنّ العهدة لا تلزمه. وإذا لم تلزمه، صار تبدّلها غير ما عقد المشتري عليه. ورجوعها على البائع كعيب اطّلع عليه المشتري، فيكون بالخيار في ردّ البيع.