النّقد فيها ممنوع. فاقتضى هذا منع إثبات العهدة فيه، لكون إثبات العهدة فيه تقتضي منع النّكاح وفساده. وفسادُه وارتفاعُه يرفع حكم العهدّه. فصار هذا كفرع كرّ ببطلان أصله، فيكون هو الباطل دون أصله.
ومن هذا المعنى السلف، فإنّه ذكر في الموّازيّة والواضحة ألاّ عهدة في سلف. وهكذا قال سحنون: لا عهدة فيما تسلف. وهكذا قال ابن أبي زمنين: لا عهدة في عبد مقرض. فلم يصرّح هؤلاء بثبوت العهدة في قضاء السلف.
وظاهر قول من حكينا عنه أنّه قال: لا عهدة في العبد المقرض. قد يشير إلى قضاء السلف، بخلاف ابتدائه, لأنّ ابتداءه طريقهُ المعروفُ، لا يبنى الأمر فيه على التّهم والقصد إلى المكايسة والمغابنة, لأنّ قصدَ المسلف إلى هذا وإرادتَه منفعةً لنفسه يحرم عليه ما فعل. وقضاء السلف ليس طريقهُ المعروفَ. فقد يتصوّر فيه التّهمة.
وهكذا الإقالة والتّولية لا عهدة فيهما لمّا كان طريقهما المعروف.
وحاول بعض المتأخّرين أن يخرج في هذا اختلافًا من اختلاف أهل المذهب في الإقالة، هل هي حلّ بيع أو ابتداء بيع؟ فإن قيل: إنّها ابتداء بيع، وجب ثبوت العهدة فيها.
وهذا التّخريج فيه نظر, لأنّه وإن قلنا: إنّه كابتداء بيع، فإنّ هذا بيع قصد فيه إلى المعروف، فلم يلحق بالعقود المقصود فيها المعاوضة على جهة المكايسة.
ولم يقع في المذهب خلاف في الرّدّ بالعيب، أنَّه لا عهدة فيه. وإن كان قد قيل في أحد الطريقتين: إنّ الرّدّ بالعيب كابتداء بيع. ولكن هذا وإن قيل، فهو بيع أوجبه الشّرع بغير اختيار من رجع إليه العبد، فخرج عن العقود الاختياريّة المقصود فيها المكايسة.
وقد قال ابن الماجشون في هبة الثّواب: لا عهدة فيها لمّا أن كان طريقها المكايسة وَالمواصلة. وكذلك الخلع لا عهدة فيه لأنّه ليس كالبيع المحض، ولهذا جاز عقده بالغرر، على أحد القولين. وأيضًا فإنّ المرأة قد استعجلت