شرح التلقين (صفحة 1992)

والثَّاني: ألاّ عهدة فيه لكون المشترَى غير معين، ونفي التّعيين الظّاهرُ منه أنّه يتضمّن الجهل بسبب الأدواء المعتبرة في أدواء العهدة، فلم تثبت العهدة فيه لارتفاع علّتها.

وأيضًا فإنّه إذا تعيّن بالقبض، وبقيت فيه العهدة، فإنّ القبض لم يتناجز.

وإذا لم يتناجز المعين المأخوذ عن دين، لم يجز ذلك، كما قال ابن القاسم فيمن أخذ عبدًا غائبًا عن دين في الذّمة: إنّ ذلك ممنوع لأنّه فسخ دين في عوض يتأجّل قبضه.

وهذا على طريقة من ذهب إلى منع أخذ معين يتأجّل قبضه عن دين في الذّمّة.

ومن أجاز ذلك، لم يصحّ على أصله التّعليل بهذا. على أنّ في التّعليل به وإن منعنا أخذ معين يتأجّل قبضه عن دين, لأنّا إنّما ذكرنا عن ابن القاسم أنّه يمنع من هذا لكونه في صورة فسخ دين في دين.

وهذا إنّما يتصوّر مع اختلاف الجنسين وإمّا مع كون الجنس واحدًا، فلا يتصوّر فيه التّبدّل على الحقيقة، كما يتصوّر في جنسين، ولهذا قال سحنون: لا عهدة في عبد أخذ من دين. لأنّه إذا أخذ من دين حصلت المعاوضة ما بين جنسين مختلفين، فتصوّر فيها فسخ الدّين في الدّين.

وأمّا ما طريقه المكارمة من المعاوضة كالنّكاح، فإنّه اختلف قول مالك فيه، هل فيه عهدة إذا كان الصّداق عبدًا أم لا؟ فأثبت فيه العهدة مرّة قياسًا على سائر عقود المعاوضات الماليّة. ونفاها مرّة أخرى لكون هذا العبد عوضه ليس بمال محض، فخرج من أحكام العقود الماليّة في هذا. وأيضًا فإنّه يتصوّر فيه الطّريق الّذي صوّرناها في السلم، لكون البضع إذا عقد عليه وجب تنجيز استباحة الفرج، إذ لا يصحّ العقد على فرج لا يستباح في الحال، والفرج لا يصحّ اشتراط تعجيل استباحته, لأنّه كاشتراط النّقد في عهدة الثّلاث، واشتراط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015