قبض ما اشترته وهو منافع بعضها. فصَار ذلك كاشتراط النّقد فيما فيه العهدة، وقد قدّمنا أنّ اشتراط النّقد في عهدة الثّلاث لا يجوز. فإذا تضمّن إثبات العهدة في الخلع منْع المعاوضة وجب منعه في نفسه دون منع أصله، كما قدمناه في التّعليل لإسقاط العهدة في النّكاح. وقد قال ابن أبي زمنين: لا عهدة في عبد مقرَض، أو مخالَع به، أو مأخوذ من قطاعة مكاتب، أو مصالح به عن دم عبد، أو مسلَم فيه، أو اشترِي، وهو غِائب غيبة بعيدة، على الصفة. وهذا يمكن أن يكون رأى ذلك ملحقًا بعقود ما في الذّمة كالسلم، أو رأى أنّ عهدة الثّلاث تنقضي قبل أمد الوصول إلى العبد، فتسقط فيه عهدة الثّلاث. وقال بعض المتأخّرين: يجب اعتبار العهدة في بيع العبد الغائب، وإذا انقضت بقيت عهدة ضمان الغيبة، كما بقيت في عبد لم يقبضه المشتري، فإذا انقضت، بقيت عهدة ضمان التّسليم على أحد القولين. ولكن هذا الّذي قاله يقتضي إثبات عهدة السنة فيه إذا عقد البيع فيه، وهو من الغيبة بحيث يجوز عقد البيع عليه وإن بعدت غيبته.
والجواب عن السؤال السادس أن يقال:
قد قرّرنا محلّها في البياعات ومحلّها في العقود.
فأمّا محلّها في الأماكن، فعن مالك فيه روايتان: هل محلّها سائر البلاد، الّتي اعتادها أهلها أو لم يعتادوها؟ أو إنّما محلّها البلاد الّتي اعتيد ذلك فيها.
فروى المصريّون عنه أنّه لا يقضَى بها حيث لم تجْرِبها عادة، إلاَّ أن يحملهم السلطان على ذلك.
وقد روى عنه المدنيّون أنّه يقضى بها في سائر البلاد، الّتي علم أهلها العهدة أو جهلوها، ويحملهم السلطان على ذلك.
فكأن من قصر العهدة على البلاد الّتي اعتادتها حمل الحديث على أنّ أهل المدينة اعتادوا البيع على العهدة، فأقرّهم - صلى الله عليه وسلم -عليه ا، وقال (عهدة الرّقيق ثلاث) (?)