فأجاز ذلك للبائع، وإن كثر عدد ما يختاره.
هذا في اشتراطه اختيار عدد، وأمّا في اشتراطه عددًا مقدّرًا ولم يشترط فيه خيارًا، فإنّا نجيز ذلك للبائع، والمشتري. إذا عَلِم مبلغ عدد الجملة، يكون شريكًا بمقدار العدد. مثل أن يشتري عشر نخلات من مائة نخلة ولا تمر فيها، أو عشرة ثياب من مائة ثوب، فإنّه يكون شريكًا في جميع النّخل بعشرها، ولكنّه يفتقر في هذا إلى معرفة عدد النّخل، ليحصل الجزء المشترى معلومًا.
وأمّا إن اشترط خيار عشرة ثياب، فإنّه لا يفتقر إلى معرفة عدد في هذا, لأنّ الّذي اشترى معلومًا يتميّز بالإختيار، والّذي اشترى عشرة غير متميّزة في العقد ولا بالإختيار، وإنّما اشترى أجزاء من المبيع، فمن شرط صحّته أن يكون الجزء معلومًا. إلى هذا أشار بعض الأشياخ، وهو مبنيّ على ما قدّمناه من اعتبار رفع الغرر في الشّراء لما يختار.
وقد أجاز أهل المذهب أن يشتري صبرة من طعام كلّ قفيز بدرهم، وإن لم يعلم عدد ما فيها من الأقفزة، لما كان شراؤها جملة على غير قيل يجوز، وكذلك هذا. ولو أنّ البائع استثنى مِمّا باع جزءًا معلومًا بالنّسبة لا بالعدد، أو اشترى ذلك المشتري لأجزناه من غير اعتبار لهذا الجزء، هل هو الأقلّ من الجملة أو الأكثر. لأنه إذا استثنى منه من هذه الصبرة ربعها أو ثلاثة أرباعها. أو باعها البائع واستثنى ربعها أو ثلاثة أرباعها، فإنّه يعود الأمر فيه إلى معاوضة على جزء معلوم محدود فلا يمنع.
وعلى هذا الأسلوب يجري فيمن اشترى جزءًا محدودًا، واختيار عدد معدود، مثل أن يشتري نصف هذه النّخل، أو (?) عشر نخلات يختارها من النّصف الآخر، فإنّه لا يمنع من هذا إذا اشتراه المشتري على هذه الصفة سواء كان العدد المختار هو الأقلَّ في النّصف الباقي أو الأكثرَ.
وأمّا البائع، فلو باع النّصف واشترط خيار عشر نخلات من النصْف