الآخر، لجاز ذلك. ولو اشترط خيار أربعين من النّصف الآخر، لمنع من ذلك.
فيكون النّصف ها هنا كالكلّ، في العقد عليه، يعتبر فيه الأقلّ والأكثر في جنبة البائع دون المشتري.
وقد ذكر ابن حبيب أنه لا يجوز أن يبيع عشرة من جملة غنم، ويبيع بقيّتها من رجل آخر. قال: بخلاف الصبرة.
وقد كنّا نحن قدّمنا في هذا الفصل ذكر الخلاف فيمن باع كلّ شاة بدرهم، هل يجوز ذلك أم لا؟ مع اتّفاق أهل المذهب على جواز أن يبيع صبرة من طعام، كلّ قفيز بدرهم. وذكرنا أنّ الذاهب إلى المنع يرى أنّ الغنم لمّا كان لا يجوز بيعها جزافًا منع أن يباع كلّ شاة منها بدرهم من غير أن يعلم منتهى العدد.
لأنّه إذا لم يعلم منتهى العدد، صار ذلك كبيع الغنم جزافًا. وكذلك أشار بعض الأشياخ ها هنا إلى أنّ الفرق بين بيع مكيل من الصبرة من رجل، وبيع بقيّتها من رجل آخر أنّ ذلك جائز، ولا يجوز مثل هذا في الغنم على حسب ما حكيناه عن ابن حبيب أنّ الجزاف يجوز في بيع الطّعام ولا يجوز في بيع الغنم.
وإن كان بعض أشياخي تأوّل عن ابن حبيب غير هذا التأويل، وذكر أنّه إنّما يمنع من هذا في الغنم إذا كانت قليلة، فإذا اختار المشتري ما اختار، ولم يبق إلا الشّرار، فيكون تخصيصها بالبيع غررا. فإذا كانت الغنم كثيرة، ولا يتحسّس إلى مقدار ما يأخذه المشتري الأوّل من خيارها، جاز ذلك لارتفاع الغرر فيه.
وقد وقع في الموّازيّة في بائع باع مائة رأس من الغنم واستثنى رأسًا من شرارها، "أنّ ذلك يُتَّقَى لما فيه من الخطر. وقال ابن الموّاز في كتابه: القياس جوازه.
ولو باع من مشتر عشرة من الغنم، يختارها من الجملة، ثمّ باع منه عشرة أخرى، يختارها أيضًا، فإنّ ذلك جائز، ويقدّر أنّ المشتري اشترط خيار عشرين. وقد قدّمنا أنّه يجوز له أن يستثني خيار الأقلّ من العدد. وأنّ أكثر فيه