النّسبة في هذه السكنى من جملة الثّمن.
وقد أشار بعض المتأخّرين إلى أنّه لا فرق بين البائع والمشتري في هذا لكون البائع يقدّر فيه أيضًا أنّه اختار ثمرة نخلة، ثم انتقل إلى خيار ثمرة أخرى، فيكون أيضًا باع تمرًا بتمر متفاضلًا. ومال إلى أن هذا ينبغي أن يوكل إلى أمانة البائع والمشتري، وينهيان عن الوقوع في هذا، ويصَدَّقان في أنّهما لم يقعا فيه.
وأشار بعض المتأخّرين إلى فرق بينهما، وهو أنّ المشتري تَصوُّر تنقّله يمكن لكونه جاهلًا بثمرات هذا النّخل، فلهذا اتّفق على منعه من هذا، وأمّا البائع ثمرات نخله، فيقصد إلى جيّدها فيختار، ولا يتّهم في التنقّل لاستغنائه عنه. وقدح في هذا الفرق غيره بأن قال: لو كان عالمًا بهذا لاستثناه معيّنا, ولم يفتقرْ إلى اشتراط خيار فيه، فلمّا اشترطه دلّ على أنّه محتاج إلى الاختيار والاختبار، كما يحتاج إليه المشتري.
وبالجملة فإنّ هذه الطّرائق، من الفروق وغيرها الّتي ذكرنا في هذه المسئلة، إنّما يحسن إيرادها إذا قيل: إنّ اختيار البائع أو المشتري لنخلة بخواطر القلب دون نطق اللّسان بذلك يصيّرها ملكًا له، ويَحرم عليه التنقّل، كما يحرم عليه التنقّل وقد نطق باختيار صبرة إلى صبرة أو ثمرة إلى ثمرة أخرى.
وأمّا إذا قيل: إنّ الشرع إنّما علق أحكام الملك على ما ينطق به اللّسان دون ما يضمر في الفؤاد أو يهجس في النفس، فإنّه لا يحتاج عندي إلى شيء من هذه المعاني، وإنّما التّحقيق فيها النظر في هذا الأصل الذي أشرف إليه. ثم إذا ثبت تعلّق الأحكام بما تتحدّث به النّفس في هذا دون ما نطق به نظر حينئذ هل تحمى الذّريعة في هذا فيمنع منه، ولا يوكل النّاس إلى أمانتهم فيه، كما قدّمناه في بياعات الآجال؟ أو لا توجب حماية في مثل هذا المبنيُّ التّحريمُ فيه على ما يضمَر في الفؤاد؟
ولو كان هذا الثّمن أو غيره، من أنواع الأطعمة المخيّر فيها، مِمّا لا ربا فيه، وهو صنف واحد متساوٍ مِمّا يجوز اشتراط التّخيير فيه، أو كان عروضًا،