شرح التلقين (صفحة 1820)

وقد ذكر ابن الموّاز أنّه يلزمه العقد في العبد الباقي إذا اشتراه على الإلتزام بشرط التّخيير بينه وبين آخر. وهذا جار على هذا المسلك الّذي ذكرناه في أحد قولي سحنون رحمه الله.

والمشهور من المذهب أنّ الضائع من أحد الثوبين اللّذين التزم شراء أحدهما يكون من المتبايعين، والباقي بينهما على حسب مقتضى حكم الشركة في عبد بين رجلين. وهكذا ذكر ابن الموّاز وذكر ابن سحنون (أنّ الضّائع منهما لو ردّ الباقي من الثّوبين) (?). وكأنّه قدّر أنّ مقتضى الشركة إن اشتركا في الثوب الباقي، لكن الشركة فيه عيب، فلا يلزم المشتري شراء معيب، وقد عقد البيع فيه على السلامة من العيب، فلا يقدّر أنّه إذا كان مقتضى الالتزام ضمانَ أحدهما بلا بدّ، وجهلنا الثّوب الملتزم منهما، صار المتعاقدان كشريكين في الثّوبين، فما طرأ فيهما من ضياع وعيب، فذلك عليهما.

وقد ذكر ابن حبيب أنّ هذا التّخيير لو كان في ثياب كثيرة فضاع أحدهما، فإنّه يضمنه. وضمانه إياه لا يسقط ما اقتضاه الحكم الّذي قدّمناه، فله أن يختار ثوبًا من الثّياب الباقية، أو يردّه وسائر الثّياب. ولو عقد على واحد منها على التزامه، فإنّه يضمن الواحد الضّائع، ويلزمه اختيار ثوب من الثّياب الباقية.

ورأى أنّ التضمين للثّوب الضّائع لا يدفع الحكم الّذي قدّمناه في الثّوبين إذا ضاع أحدهما.

وقد احتجّ في المدوّنة ابن القاسم، على ما قدّمناه عنه من مصيره إلى أنّه إنّما يضمن أحدهما ولا يضمن الآخر لكونه فيه مؤتمنًا، بأنّ مالكًا ذكر فيمن طلب رجلًا بدينار له عليه فدفع إليه ثلاثة ليختار واحدًا منها ويردّ عليه الدّينارين، فضاع من الثّلاثة ديناران قبْل أن يختار، أنّ الدّينارين الضّائعين (?) يكون على حكم الشّركة بين الدّافع والقابض. لأنّ القابض إنّما استحقّ مِمّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015