فلا يمكن من هذا، كما لا يمكن البائع لثياب كثيرة استحق جلّها أن يُلزم المشتري ما لم يستحقّ منها إذا كان هو الأقلّ.
هذا حكم أحد الأقسام الّتي قدّمنا.
وأمّا إن عقد البيع على أنّ أحد الثّوبين لازم للمشتري ولكنّه بالخيار في تعيينه دون عقده، فإنّ الإختلاف في هذا جار على ما قدّمناه.
فإنّ ابن القاسم لا يضمنه إذا ضاعا إلاّ أحدهما.
وأشهب يضمنه الثّوبين جميعًا.
والتّعليل للمذهبين هو ما قدّمناه.
ولو قامت بيّنة على ضياعهما، فإنّ ضمان أحدهما يسقط عند ابن القاسم، كما يسقط لو اشتراه منفردًا على الخيار وقامت البيّنة بضياعه. وأشهب يضمنه كما يضمن العواري والرّهان، وإن قامت البيّنة على الضيّاع.
وقد يتخرّج فيها قول ثالث، أنّه لا يضمن، إذا قامت البيّنة، ولا واحدًا منها. وقد قيل فيمن اشترى أحد عبدين على الالتزام، لكنّه بالخيار في التّعيين، إنّ أحدهما إن هلك فإنّه لا يضمنه ولو ردّ الباقي. وهذ ابن اء على أنّه لم ينعقد البيع فيما التزم انعقاده للبيع فيه إلاّ بعد أن يختار، فإذا هلك أحد العبدين قبل أن يختار، لم يلزم اختيار الباقيَ والتزامَه, لأنّه لم يلتزم عقد الاختيار فيه، وإنّما التزم عقدًا تخيّر فيه بين إثنين، وإذا لم يبق إلاّ واحد، استحال هذا التّخيير فيه.
وقد قال سحنون، في أحد قولين، فيمن أعتق أحد عبديه، فمات أحدهما قبل أن يختار؛ إنّ الثّاني يبقى رقيقًا, لأنّه إنّما التزم عتقًا فيه الخيار بين اثنين، وهذا الخيار يستحيل إذا بقي عبد واحد. وقال في قوله الآخر: بل يعتق العبد الباقي. وقدّر أنّ عتق أحدهما قد لزم السيّد لزومًا لا انفكاك منه. واستحالة التّخيير في واحد لا يرفع هذا الّذي التزم من العتق. وتكون مصيبة الامتناع من التّخيير ها هنا جائحة عليه.