وإن كان الخيار للبائع، فإنّ المشتري يغرم الأكثر من الثّمن أو القيمة. فإن كان الثّمن أكثر، قال البائع: أنا أختار إمضاء البيع، فيلزمك الثّمن. وإن كانت القيمة أكثر، قال البائع: أنا أختار فسخ البيع، فلا يلزمني أخذ الثمن، بل الطالب (?) بالقيمة الّتي وجبت عليك.
فإذا علمت الحكم فيما يضمن به الثّوب الواحد المشتريَ بالخيار، فإنّ هذين الثّوبين المشترى أحدهما بالخيار مذهب ابن القاسم أنّ أحدهما هو المضمون. فإذا ضمن، فإنّما يضمن بالثّمن كمَا قدّمناه.
ومذهب أشهب أنّ أحدهما مضمون بالقيمة، والآخر بالأقلّ من الثّمن أو القيمة. فأمّا كون أحدهما مضمونًا بالقيمة، فلأجل أنّه لا بدّ من ردّه فيضمّن بقيمته. وأمّا الآخر، فالمشتري قادر على أن يلتزمه بالثّمن فكان له ألاّ يغرم إلاّ الثّمن، وقادر أيضًا على أن لا يلتزم الشّراء ويضمنه بالقيمة، على حسب ما قدّمناه قبل هذا.
وذهب (?) إلى طريقة أشهب في كون المشتري ضامنًا للثّوبين جميعًا، وذكره عن أصحاب مالك، وقال: إنّه ليس بمؤتمن في واحد منهما لما أخذهما على أن يختار هذا أو هذا. لكنّه إنّما يضمنه إيّاهما بالثّمن. وكأنّه قدّر أنّه إذا كان الضمان إنّما ثبت فيهما لكون كلّ واحد منهما إنّما عقد على انفراده على الخيار، والثّوب المنفرد إذا عقد على الخيار ضمن بالثّمن، كما قدّمناه عن ابن القاسم، فكذلك هذا يضمن كلّ واحد منهما بالثّمن. وقد ذكرنا عنه أنّه يجيز كون ثمن الثّوبين مختلفًا في المقدار، على حسب ما قدّمناه عن عبد العزيز ابن أبي سلمة.
وعنه هذا الحكم فيهما إذا ضاعا جميعًا.
وأمّا إن ضاع أحدهما، فإنّه إنّما يضمن عند ابن القاسم نصف ثمن الّذي ضاع، لكون الضّائع متردّدًا بين أن يكون هو الّذي اشتراه بالخيار، أو هو الّذي