شرح التلقين (صفحة 1816)

السائل في هذا، فغلب حكم الخيار في كلّ ثوب. فانحصر الخلاف في هذا إلى تغليب حكم الأمانة في أحد الثّوبين اعتبارًا بالمآل، أو تغليب حكم الخيار اعتبارًا بالحال، واستدلالًا على حصول المنفعة بما ذكرنا من التّفصيل. وقد قدّمنا أنّ الضّمان في هذا وفي غيره مِمّا ذكرناه يعتبر فيه المنفعة للقابض أو للدّافع.

فإذا قلنا بالضّمان فيما يضمن هل بالقيمة أو بالثمن، فإنّ هذا ينبغي أن يعلم أنّ الثّوب الواحد إذا اشتري بالخيار، فإنّ ابن القاسم يرى أنّ المشتري يضمنه إذا قبضه بالثّمن، سواء كان الخيار له أو للبائع؛ لأنّه قادر لمّا كان الخيار له أن يقبل البيع ويدفع الثمن، ولا يقدر البائع أن يمنعه من ذلك، فله أن يقول: أنا أقبله، فلا يلتفت إلى ضياعه، سواء كانت قيمته أكثر من الثّمن أو أقلّ.

وكذلك إن كان الخيار للبائع، فإنّ المشتري يضمنه بالثّمن، لكون البائع سلّمه إليه على أنّ عوضه الثّمن الّذي اتّفقا عليه، وكان للبائع أن يلزمه إيّاه، فلا يلزم المشتري أكثر من ذلك، ولو كانت القيمة أكثر من الثّمن، لكنّه يحلف المشتري ها هنا على الضّياع لئلاّ يكون لمّا فسخ البائع العقد طلب ارتجاع الثّوب فحبسه عنه تعدّيًا، فيلزمه قيمته، فيستظهر عليه باليمين أنّه ضاع لتسقط المطالبة عنه بما زادت القيمة على الثّمن.

وأمّا أشهب فإنّه يرى أنّ الخيار إذا كان للمشتري، فإنّه يضمنه بالأقلّ من القيمة أو الثّمن. فإن كان الثّمن أقلّ من القيمة، قال: أجزت له إمضاء البيع بالتزام الثّمن. وإن كانت القيمة أقلّ من الثّمن، لم يطلب بأكثر منها, لأنّ له أن يقول: لا أمضي الشّراء بل أردّ الثّوب، فيجده قد ضاع فيغرم قيمته. لكنّه يحلف ها هنا على الضّياع لإمكان أن يكون قد حبسه عن نفسه بأنّه لا يختار إمضاء الشّراء، فتجب عليه قيمته لأجل منع البائع منه، فيحلف ليسقط عنه ما زاد من القيمة على الثّمن لأجل إمساكه الثّوب على البائع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015