وأمّا إن تماثل المثمون، وتماثل جنس الثّمن ولكن اختلف في المقدار خاصّة، مثل أن يبيع منه ثوبًا من أحد ثوبين على أنّه جعل ثمن أحدهما، وأشار إليه، خمسة دنانير، وثمن الآخر سبعة دنانير، فإنّ هذا ممنوع عندنا أيضًا لحصول الغرر باختلاف مقدار الثّمن. وأجازه عبد العزيز ابن أبي سلمة، وهو اختيار ابن حبيب من أصحابنا. وكأن عبد العزيز ابن أبي سلمة قدّر أنّ المشتري اختار أخذ الثّوب الّذي بسبعة، ثمّ ردّه وهضم عن نفسه دينارين من السبعة، وأخذ الثّوب الّذي بخمسة بدينارين التّي (?) هضم وبالثّوب الآخر، فلا يكون في هذا ربا ولا تخاطر. لكنّه يمنع هذا إذا كانت الدّنانير مختلفة الوزن، ولو تساوى العدد، لكونه يقدّر فيه أنّه باع دنانير ناقصة بوازنة، فيقع بذلك في الرّبا.
هذا حكم جواز هذا العقد.
وأمّا حكم الضّمان، فإنّه لا يخلو هذا العقد من أن يقع على ثلاثة أنحاء.
إمّا أن يقع العقد على أنّه إن شاء ردّهما جميعًا وإن شاء أخذهما. فيكون المشتري ها هنا مخيّرًا في العقد وفي التّعيين.
أو يقع على أنّه قد لزمه أحدهما والآخر مردود، ولكنّه مخيّر في تعيين ما لزم العقد فيه دون التّخيير في العقد، فأحَد الثّوبين في هذين القسمين مردود بلا بدّ، والآخر لازم بلا بدّ، ومخيّر في قبوله أو ردّه.
والقسم الثّالث: وقوع العقد على أنّ أحدهما لازم بلا بدّ، والآخر مخيّر في قبوله أو ردّه يكون التّخيير في أحدهما في العقد وفي التّعيين، وفي الآخر في التّعيين خاصّة دون العقد.
فإن وقع العقد على الوجه الأوّل من هذه الوجوه الثّلاثة وهو كون المشتري له ردّ أحدهما، ويخيّر في الآخر بين أن يقبله أو يردّه، والتّعيين في ذلك إليه، فإنّهما إن ضاعا جميعًا، فإنّ ابن القاسم لا يضمنه إلاّ أحدهما،