شرح التلقين (صفحة 1812)

فأنكره البائعان، وادّعى كلّ واحد منهما أنّ الثّوب المقطوع هو ثوبه، أنّ المشتري يضمن الثّمنين.

وهذا قد يُحَسُّ في النّفس أنّه كالنّقض لما أصَّل من كون الغلط لا يضمن به المشتري. لكن العذر عن هذا عندي أنّ المشتري إذا قطع الثّوب، لم يكن له ردّه، لكونه فعل فيه ما هو رضي بالشّراء والتزامًا (?) له، أو فعل ما أتلف الثّوب به، فلا يكون له ردّه.

وإذا منع الرّدّ لأجل هذا، واستقرّ عليه ثمن الثّوب المقطوع، وكلّ واحد يطالبه بثمن ما باعه منه، وهو لا يدري عين من يستحقّ عليه ثمن هذا المقطوع من هذين البائعين، وجب عليه أن يغرم له هذا الثّمن لكونه شاكًا في وجوب ذلك عليه لهذا البائع. كما نقول فيمن ادّعى على رجل بمال، والمدّعى عليه يشكّ في صدق المدّعي، فإنّ المدّعي يأخذ ما ادّعاه، لكونه موقنًا باستحقاق هذا المال على هذا المدّعى عليه، وكون المدّعى عليه شاكًّا، فينظر في يمين المدّعي الموقن.

فإذا لم يُحدث في واحد من الثّوبين حادثًا يكون به مختارًا للشّراء أو متلفًا، فإنه لا سبب حدث منه يوجب تضمينه، فلا يناقض ابن كنانة بهذا.

وقد تأوّل بعض أشياخي عليه أنّه أراد أنّ هذا المقطوع جهله البائعان أيضًا لمّا تغيّر بالقطع ك ماجهله قاطعه. فلمّا تساووا في الجهالة بذلك، تعلّق به الضّمان. بخلاف إذا ادّعى كلّ واحد منهما أنّه يتحقّق أنّ المقطوع له، فإنّ قوله: إنّ المقطوع لم (?) يتضمّن إبراءَ المشتري، كما قال ابن كنانة في هذين الثّوبين إذا كانا قائمين فادّعى كلّ واحد من البائعين الأرفع من الثّوبين، فإنّ دعواه قد تضمّنت إبراء المشتري من كونه قد أمسك ثوبه، أو تعدّى فيه لكونه عنده لا يضمن بالنّسيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015