شرح التلقين (صفحة 1786)

ونقل الشّيخ أبو محمّد بن أبي زيد أنّ ابن مزين حكى عن ابن نافع أنّه يرى لفظ المشورة كلفظ الخيار والرّضا.

وتعقّب عليه هذا النّقل بأنّ الّذي ذكر ابن مزين عن ابن نافع أنّه باع على مشورة فلان، على أنّ فلانا إن أمضى البيع بينهما، وهذا يقتضي وقف البيع على اختيار فلان، بخلاف اشتراط المشورة لفظًا مطلقًا غير مقيّد بما ذكرناه.

وقد قال الشيخ أبو سعيد بن أخي هشام: لو مات الثّالث المشترط له الخيار لا يفسخ البيع، لكونه موقوفًا على رضي رجل يستحيل بعد موته أن يعلم رضاه. وهذا الّذي قاله إنّما يتخرّج على أحد الطرق الّتي قدّمنا، وهي كون الحكم يقتضي قصد الإمضاء والإجازة على اختيار هذا الثّالث.

وقال بعض الأشياخ: لو وكّل رجل رجلًا على أن يشتري له فاشترى له الوكيل على خيار آخر - لم يجز ذلك لأنّه كوكالة منه، وليس للوكيل أن يوكّل.

والجواب عن السؤال الثّامن أن يقال: إذا أمر رجل رجلًا أن يشتري له سلعة على البتّ فاشتراها، واشترط على بائعها أن يريها لغيره، فضاعت بيد هذا المأمور. فإنّ مالكا ذكر في الموازيّة أنّ الضّمان من الأمر (?). وقدّر أنّه لو اشتراها على البتّ على حسب ما أمره من وكّله، لكان ضمانها من الآمر. فإذا اشترط للآمر الخيار فما زاده إلاّ خيرًا.

وذهب ابن الموّاز إلى كون الرّسول متعدّيًا، يكون ضمانها منه لمخالفة أمر الآمر. إلاّ أن يكون بيّن للبائع أنّ فلانا بعثه ليشتري له ما اشتراه، فإنّه يسقط الضّمان عن هذا الرّسول ويكون ضمانها من بائعها. وهذا الإختلاف الّذي وقع بين مالك وابن الموّاز قد ينصرف إلى أنّ اشتراط الخيار يفتقر فيه إلى زيادة في الثّمن، فيكون هذا تعدّيًا على الآمر لكونه لو لم يشترط الخيار لاشتراها بأقلّ مِمّا اشتراها به، أو يكون لا زيادة في الثّمن لأجل الخيار، فيكون الحكم ما قاله مالك لا سيما على طريقة من رأى أنّ اشتراط ما لا يفيد لا يقضى به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015