وقد عورض ابن الموّاز في قوله: إنّ الضّمان من البائع، إذا أعلمه المشتري بأنّه وكيل، لأجل أنّ إعلامه بأنّه وكيل لا يسقط تباعة البائع عنه، إلاّ أن يصرّح بأنّه رسول لا تباعة عليه. فيقول: أرْسَلني فلان إليك لتبيع منه. وقد جرى بالقيروان قديمًا سؤال يتعلّق بهذا ذكره عمرون في كتابه وغيره. وهو أنّ السماسرة إذا طاف أحدهم بالسوق وقد أمره رجل بأن يشتري له سلعة، فقال: من عنده كذا؟ سلعةً سمّاها. فاستدعاه أحد التّجار فأعطاه ما طلب، فضاع في يد السمسار. فقيل: إنّ ضمانه من الّذي أرسله لأنّه وكيل له وليس بوكيل لدافع السلعة إليه. والفقه في هذا يتّضح إذا اتّضح من هو وكيل له. والّذي يتحقّق أنّه وكيل له، يكون الضّياع منه.
والجواب عن السؤال التاسع أن يقال: الخيار يقتضي كون من هو له الإجازة أو الرّدّ. وذلك يكون منه بالنّطق والنّص على أحد الوجهين. فإن كان منه الأمر كذلك، فلا خفاء بأنّه يقضى بمقتضى ما اختار. أو يكون ما يدلّ منه على أحد الأمرين، وذلك على وجهين ترك وفعل.
فأمّا التّرك فمثل أن تذهب أيّام الخيار والمدّة الّتي جعلا الخيار إليها، فلا يكون مِمّن له الخيار نطق ولا إحداث فعل، فإنّه قد يستدلّ بتركه على قصده: فإن كان الخيار للبائع والسلعة في يده، كان مضيّ أمد الخيار دليلًا على أنّه اختار الفسخ. إذ لو اختار الإجازة لاستدعى المشتري لقبضها وصرفها إليه، أو أشهد بالإجازة. وإن كانت في يد المشتري، كان ترك ارتجاعها واستدعاءِ البائع ردّها دليلًا على أنّه اختار الإجازة للبيع.
وإن كانت السلعة بيد المشتري والخيار له، فإن إبقاءها في يديه دليل على اختياره الإجازة، كما أنّ إبقاءه لها في يد من باعها دليل على أنّه اختار الفسخ وجملة الأمر أنّ السلعة تبقى لمن هي في يديه، على مقتضى ما ذكرناه.
فأمّا إن أحدث المشترط للخيار فعلًا، فالّذي ينبغي أن يَعتمد عليه من أراد معرفة وجوه الرّوايات في هذا، والتّحقيقَ في الفتوى في هذا الّذي يحدث،