أنّ مشترط الخيار إن عاقه عائق عن النّظر فيما اشترط الخيار من أجله، مثل أن يشترط المشتري الخيار مدّة فيجنّ أو يغمى عليه أو يفقد، فإنّه إذا عاقَه عن النظر شيء من هذه المعاني، وذهب أمد الخيار، ولحق البائع الضرر في الإنتظار، كان للقاضي أن يفسخ هذا البيع لحق البائع في إزالة الضّرر عنه.
فإن أراد أن يمضي الشراء له، فأمّا فيمن جنّ جنونًا مطبقًا فإنّ له ذلك.
وأمّا المغمى عليه فإنّ ابن القاسم منع من ذلك لكون الإغماء مرضًا يرجى زواله عن قريب.
وإذا كان كذلك لم يمكن أن يشتري لرشيد حال بينه وبين النّظر لنفسه حائل يرجى زواله عن قرب. وأجاز أشهب ذلك قياسًا على من جنّ، وأمّا على من فقد، فإنّه يجري على هذين القولين أيضًا.
وقد عورض ابن القاسم بما ذكر في المعير أرضًا لمن يبني فيها إلى أجل محدود، فحلّ الأجل والمعير غائب، فإنّه أجاز للقاضي أن يأخذ له البناء بقيمته منقوضًا. فأباح للقاضي أن يشتري له لأجل غيبته، وإن لم يبح ذلك له في المغمى عليه. وقد فُرّق بينهما بأنّ الإغماء مرض يذهب عن قرب، والغيبة تطول.
وقد يقال أيضًا: إنّ النّظر، الّذي يدعو إلى الشّراء له، ما يرجى من ربح إذا أخذ له ما اشتراه على خيار. وهذا الّذي يرجى لانقطع بحصوله لجواز حوالة الأسواق أو تلف ما أخذ له. (والتّلفيق الّذي حصل في البناء كسلعة ملك الغائب أخذها، والهدم إتلاف لها, وللقاضي أن يمنع من إتلاف ملك الغائب.
وهذا سنبسط الكلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى) (?).
وإذا تقرّر أنّ الإغماء يمنع من الاختيار ووجب الانتظار، فهل يسقط الإعتبار بأمد الإغماء، مثل أن يشترط المشتري الخيار ثلاثًا فيغمى عليه فيفيق في اليوم الثّالث، أم لا؟