شرح التلقين (صفحة 1768)

والنّظر في هذا يستند إلى هذا المصاب الطارئ، هل تكون العهدة فيه على البائع، فيستأنف المشتري إكمال الثلاث بزيادة يومين على اليوم الثّالث الّذي أفاق، كما اختاره بعض أشياخي، وقدّر أنّ هذا المانع درْكه على البائع، فيقضى عليه بالزّيادة على ما اشترط في أيّام الخيار. أو يقال: إنّ هذا مصاب طرأ على المشتري فدركه عليه، وقد فعل البائع أكثر ما عليه من التّمكين من الإختبار، فحيل بين المشتري وبين ذلك بأمر لا صنع للبائع فيه. هذا عندي مِمّا ينظر فيه.

وقد حكينا عن ابن القاسم أنّ مجرّد ذهاب أيّام الخيار والمشتري الّذي اشترط الخيار مغمى عليه لا يوجب الفسخ حتّى يطول انتظار إفاقته طولًا يلحق البائعَ الضّرر منه. وهذا يشير إلى أنّه جعل الدّرك في هذا المصاب على البائع.

وإن كان قد قال أشهب: إنّ القاضي يأخذ له ما دام أيّام الخيار لم تذهب.

وأشار إلى أنّها إذا ذهبت لم يكن له أن يأخذ له. وقد أشار بعض أشياخي إلى أنّ هذه طريقة تخالف طريقة ابن القاسم الّتي ذكرناها، من كونه لا يرى الفسخ بمجرّد تقضّي أيّام الخيار. ويمكن أن يكون أشهب اعتبر تقضّيها في الأخذ للمغمى عليه لمّا كان جواز الأخذ له مختلفًا فيه بينه وبين ابن القاسم، لكونه استئناف شراء. وأمّا الفسخ فإنّه من حقّ القاضي، فلا يعتبر فيه ذهاب أيّام الخيار. لكون الفسخ مِمّا اتّفق ابن القاسم وأشهب عليه ورأياه مِمّا يجوز للقاضي فعله.

وأمّا إن كان العائق الّذي منع من الإختبار مِمّا يتأبّد كموت المشتري بالخيار أو البائع بالخيار، فإنّ هذا مِمّا اختلف فيه:

فذهب مالك والشّافعي إلى أنّ هذا يورث عن الميّت لمّا كان هذا الخيار المشترط متعلّقًا بالمال ومن الحقوق الماليّة، فيجب أن يورث كما يورث المال نفسه.

وذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا يورث, لأنّ الّذي ملك مشترط الخيار مشيئة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015