باطلان. وأتى ابن شبرمة فسأله عن ذلك فقال: هما صحيحان. وأتى ابن أبي ليلى فقال له: البيع صحيح والشّرط باطل. فقال: فعدت إلى أبي حنيفة فأعلمته بما قال الرّجلان. فقال: لا أدري ما قالا. نهى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط (?).
وعدت لابن شبرمة فذكرت ما قالا أيضًا. فقال: لا أدري ما قالا. قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون على شروطهم" (?). وأتيت ابن أبي ليلى فأخبرته أيضًا فقال: لا أدري ما قالا. وذكر حديث بريرة المذكور فيه صحّة البيع وإسقاط اشتراط الولاء (2).
وقد ذكر عن ابن أبي ليلى أنّه أجاز اشتراط الخيار وإن طال زمانه كالسنتين والثّلاث. وبه قال محمّد بن الحسن وأبو يوسف، وخالفا أستاذهما أبا حنيفة، فيما حكيناه عنه من فساد هذا البيع إذا لم يسقط الشّرط. وِهؤلاء يرون أنّ الإعتبار يكون الأجل محدودًا، ولا يؤثَّر كونه طويلًا، كما لا يؤثَّر في صحة البيع إلى أجل طول زمن الأجل المضروب لاستيفاء الثّمن على وجه لا يلحقه مخاطرة، على حسب ما تقدّم بيانه في البيع إلى أجل ثمانين سنة أو مائة سنة.
ويدافعون عن هذا القياس بما تقدّم ذكره من كون الخيار رخصة لما فيه من الغرر، على حسب ما تقدّم بيانه، مِمّا يباح فيه الغرر اليسير الّذي تدعو الحاجة إليه، مع كون الغرض في الخيار النّظر في العين، وتحصيلَ الرّبح والفائدة، الّتي وضعت التّجارة لأجلها. وهذا الغرض حاصل في الأمر اليسير، ولا حاجة بنا إلى إباحة الكثير. والغرض من الأجل أيضًا التصرّف، وطلب الفائدة المأخوذة من الأجل، وهذا المعنى محقّق في الأجل وإن طال، مع كونه لا تحجير فيه في المبيع يخالف مقتضى العقد، وإنّما ضرب لاستحقاق المطالبة بالثّمن، واستحقاق المطالبة بالثّمن إنّما تكون بعد صحّة العقد وحصول مقتضاه.
فإذا تقرّر أحكام الخيار المشترط مطلقه ومقيّده، فاعلم: