وقت لا يجوز إثباته فيه، فإنّ إسقاط الشّرط لا يصحّح العقد.
وأمّا ما نذهب إليه نحن في هذه المسئلة، فإنّ القاضي أبا محمّد عبد الوهاب ذكر في شرح الرّسالة أنّ الشّروط الفاسدة إذا أسقطت، صحّ العقد.
لكنّه استثنى هذه المسئلة، فقال: إذا اشترط في العقد خيار أيّام كثيرة، فإنّ ذلك لا يجوز، ولو أسقط الشّرط، بخلاف غير هذا من بياعات الشّروط. وقرّر أنّ إسقاط الشّرط ها هنا إمضاء البيع، وقد كان له فسخه وإمضاؤه بحكم مقتضى شرط الخيار البعيد ميقاته. وإسقاط الشّرط ها هنا لا تتحقّق صورته كما يتحقّق ذلك في إسقاط السلف المشترط، فإنّ إسقاطه نقيض اشتراطه. والمناقضة والمضادّة لا يمكن معها تخيّل كون الضّدّين شيئًا واحدًا. وإسقاط ما زاد على أيّام الخيار ليصحّ العقد لا يتصوّر، بينه وبين إمضاء العقد للخيار المشترط، فرقٌ. فلهذ عنده لم يؤثّر إسقاطه في تصحيح البيع.
وهذه الطّريقة الّتي أشار إليها، وإن كانت خفيّة، فإنّها قد تلاحظ ما كنّا قدّمناه في كتاب السلم الثّاني فيمن أسلم في طعام سلمًا فاسدًا، ثمّ فسخ العقد وأراد المتعاقدان بعد العقد أن يتعوّضا عن رأس المال بمثل ذلك الطّعام الّذي وجب الفسخ فيه. فقد كنّا حكينا أنّ أحد القولين أنّهما لا يمكّنان من ذلك، لأنّهما يتّهمان في هذا الفعل على تتميم الفساد الّذي فسخ العقد فيه. وقيل: إنّ ذلك جائز. وإذا كان إسقاط ما زاد من أيّام الخيار على القدر الجائز يتضمّن إمضاء البيع واختيار انعقاده، فيحسن سلوك هذه الطّريقة. وأمّا إذا قال المشتري في أوّل يوم: أنا أسقط الزّائد من هذه الأيّام على ما يجوز، وأبقَى على خياري في إمضاء العقد أو ردّه. فإنّ هذا قد ظهر له تأثير خلاف مقتضى ما يتّهمان عليه من كون إسقاط الشّرط لتصحيح البيع قصدا به التزام البيع بحكم موجب الخيار المشترط. وهذا مِمّا يتردّد النّظر فيه على طريقة القاضي أبي محمّد عبد الوهاب إن شاء الله.
وأشار شيخنا أبو الحسن اللّخمي، رحمه الله، إلى تخريج فسخ هذا البيع