اختلاف الأحوال الّتي ذكرنا. وقد قيل في أحد القولين عندنا في القائل لزوجته اختاري، أنّ ذلك لا يحمل على التّراخي الطّويل، ولا يثبت خيارها فيه بعد افتراقهما في المجلس، لكون هذا اللّفظ يقتضي الفور، لا سيما إذا قلنا: إنّ الأمر على الفور، كما ذهب إليه بعض الأصوليين. والرّواية الثّانية أنّ لها الخيار، وإن قامت من المجلس، لكون اللّفظ يقتضي الفور والبدار، لا سيما إذا قلنا بحمله على العموم في الأزمان. ذهب إلى هذا في بيع الخيار الطّبري وحمل المطلق منه على كون هذا الخيار المشترط يقتضي الفور.
ومذهب مالك رضي الله عنه أنّ البيع صحيح، ويضرب من أمد الخيار الّذي أطلقاه ما جرت به العادة في اختبار جنس ذلك المبيع، وتحصيل الغرض الّذي من أجله شرط الخيار. وقَدَّر أنّهما لمّا اشترطا الخيار ولم يؤقّتاه، فكأنّهما اشترطا الميقات المعلوم قدْره من جهة العادة. فصار ذلك كاشتراط ميقات محدود بالنصّ عليه.
وأمّا إن وقع الخيار مقيّدًا بزمان محدود، فإنّ هذا أيضًا مِمّا اختلف النّاس فيه. فذهب أبو حنيفة والشّافعي إلى منع اشتراط الزّيادة على ثلاثة أيّام، أو أقلّ منها، مِمّا يَحُدَّانه. لكن إن اشترطا الزّيادة على ثلاثة أيّام، فإنّهما اختلفا في صحّة هذا البيع إذا أسقط المشتري المشترط للثّلاث خيارَه فيما زاد عليها، والثلاث لم تنقض. فرءاه أبو حنيفة مِمّا يصحّح هذا العقد. وأجرى ذلك مجرى الشّروط الّتي يصحّ العقد إذا أسقطت كالبيع والسلف في القول المشهور عندنا.
وذهب الشّافعي إلى أنّه لمّا عقد هذا البيع على فساد لم يرتفع الفساد بإسقاط هذا الشّرط الّذي أفسده، كأحد القولين عندنا في البيع والسلف وما في معناه، وقدّر أنّ الخيار له حصّة من الثّمن، وإسقاطه كإسقاطه بعض الثّمن، والفساد إذا وقع في الثّمن أو في المثمون لم ينصلح العقد بإسقاط الفساد. وقدّر أبو حنيفة أنّ هذا كالشّروط الخارجة عن الثّمن والمثمون، فإمضاء العقد إذا أسقطت. ولكنّه إنّما يمضي العقد إذا أسقطت، إذا كان الإسقاط قبل أن تذهب الثّلاث، الّتي أجاز الشّرع اشتراطها. فأمّا إن ذهبت وحصل المتعاقدان على إثبات الخيار في