شرح التلقين (صفحة 1761)

فإذا وجب تسليم السلعة للاختبار، فهل يكون على المشتري إجارة الإنتفاع بها أيّام الخيار. مثل أن يكون عبدًا استخبره بالاستخدام، أو دارًا اختبرها بالسكنى، فإنّ ذلك ينبغي أن يكون بإجارة معلومة إذا كان المشتري انتفع بهذا الاختبار، بأن وإن به ماله مثل أن يسكن الدّار الّتي أخذها ليختبرها، ولولا سكناه فيها لاكترى مسكنًا. لأن هذا إذا لم يكن بإجارة، صار في أصل العقد تخاطرًا. والمشتري إذا ردّ بعد انقضاء أمد الخيار، ذهب بمال البائع باطلًا. والبائع يقول لعلّه لا يذهب به باطلًا. وإن أمضى البيع، صار كمنتفع بمال نفسه إذا قلنا: إنّ بيع الخيار إذا أمضي، فكأنّه لم يزل ماضيًا من حين العقد. وأمّا إن لم تكن له منفعة في هذا الاختبار، وَقَى بها ماله، ولا استفاد من الاختبار منفعة أكثر من اختبار المبيع، وكان البائع أيضًا مِمّن لا قدر لهذا عنده، ولا يقصد فيه إلى مخاطرة، فإنّ هذا مِمّا ينظر فيه، وربما كان الأظهر جوازه، لكون العقد إنّما وقع على مجرّد الدّار، ولم يقع على الدّار ومنفعتها.

والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: الخَيار المشترط يقع على وجهين:

مطلق، ومقيّد بوقت.

فأمّا المطلق، فمثل أن يقول المشتري: أشتري منك على أنّي بالخيار.

ولم يَحُدَّ ميقاتًا معلومًا. فإنّ هذا اختلف النّاس فيه. فمنهم من ذهب إلى أنّه يفسد البيع، وبه قال أبو حنيفة والشّافعي. لكون هذا اللّفظ متردّدًا بين أن يكون قصد المشترط لهذا خيار مدّة قريبة، أو مدّة بعيدة لا يجوز اشتراطها في الخيار.

واختلاف هذين الحالين يختلف معهما الحكم بالصحّة والفساد. ويختلف الثّمن معهما, لأنّ من أحبّ أن يوسّع له في أمد الخيار إذا اشترى زاد في الثّمن. فإذا اختلفت هذه الأحوال، صار البيع فاسدًا لما تضمّنه من الغرر.

ومنهم من ذهب إلى أنّ البيع صحيح، ويقضى يكون الخيار على الفور لأنّه أمد متحقّق، وما زاد عليه لا يقتضيه اللّفظ نصًّا، فوجب إطّراحه. وإذا وجب إطراحه وحمل اللّفظ على الفور، لم يكن في هذا البيع غرر، ولا يتضمّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015