وأمانته وطاعته فيما يؤمر به. أو اشترى دارًا وأراد اختبار حال جيرانها إلى غير ذلك مِمّا يفتقر إلى اختباره في المبيعات.
والثّاني: أن يشترط الخيار استقصاءً للنّظر والبحث عن الثّمن، هل هو غال أو رخيص؟
والثّالث: أن يشترط، مع الإستغناء عن الإختبار للثّمن والمثمون، للنّظر فيما يتعلّق بالمبيع من البواعث على إمضاء البيع أو ردّه.
وهذه الأغراض تمس الحاجة إليها. فلأجل ذلك أباح الشّرع اشتراط الخيار.
فأمّا جواز اشتراط الخيار للمشتري فلا خلاف فيه.
وأمّا جواز اشتراطه للبائع، ففقهاء الأمصار وجمهور العلماء على إجازته، لكون البائع قد تدعو الحاجة إلى أن يشترط الخيار للاختبار، هل هو غابن أو مغبون، أو ليحسن نظره في إمضاء عزيمته على البيع أو ردّه. وأمّا لاختبار المبيع، فلا حاجة به إلى ذلك.
وذهب ابن شبرمة والثّوري إلى المنع من اشتراط البائع الخيار. ورأى الثّوريّ أنّ اشتراطه الخيار يفسد البيع.
وما أرى هذين ذهبا إلى هذا المذهب إلاّ بناء على أنّ الأصل يقتضي المنع من بيع الخيار لما قدّمناه. ولكن رخّص فيه للضّرورة إليه. والضّرورة تتحقّق، في جهة المشتري، وتتّضح، لحاجته إلى اختبار المبيع، هو أكثر في الأغراض الّتي يشترط لأجلها الخيار. والبائع لا حاجة به إلى اختبار المبيع إذا طال مقامه عنده. فإذا لم تكن به حاجة إلى هذا الغرض الّذي هو الأكثر، وجب منعه من ذلك، لارتفاع علّة التّرخيص في حقّه. أو يكونا رأيا أنّ الشرع إنّما ورد بإباحة الخيار للمشتري في حديث المصرّاة، وهو قوله عليه السلام "فمن اشتراها فهو بخير النّظرين -ثلاثًا-" (?) الحديث، كما وقع. وسنذكره في موضعه، إن شاء الله تعالى.