شرح التلقين (صفحة 1758)

أنّ مقتضى العقد التتميم وانتقال الملك من البائع إلى المشتري. والملك المطلق يقتضي جواز التصرّف المطلق. وبيع الخيار يمنع من تصرف من لا خيار له في المبيع. فإذا ثبت أنّ البائع إذا اشترط على المشتري أنّه لا يتصرّف في المبيع أبدًا، أنّ هذا الشّرط يفسد البيع، فكذلك يجب أن يكون إذا اشترط عليه المنع من التصرّف مدّة محدودة. لكن الشّرع استثنى ما قلّ (?) (من المدّة لمسيس الحاجة إليه، وكونه من مصالح العقود، وإبقاء المدّة الطّويلة على أصلها في المبيع على علّة هؤلاء، وكذلك أيضًا على) (1) طريقة مالك، رضي الله عنه، في التّعليل. فإنّه إذا علّل بالغرر وصحّ تصوّر الغرر في المدّة الطّويلة وكثرت المخاطرة فيها، وقلّ الغرر في المدّة اللّطيفة، والغرر القليل معفوّ عنه في الشّرع. وأشار أشهب من أصحابنا إلى طريقة أخرى في التّحليل. وذلك أنّه قد تقرّر أنّ الضّمان لا يصحّ أن يؤخذ عنه عوض، مثل أن يقول إنسان لآخر:

اضمن لي سلعتي هذه سنة، وأنا أعطيك كذا وكذا دينارًا. لأنّ هذا من الخطر، وربّما اقتضى أكل المال بالباطل، على ما تقدّم بيانه في مواضعه. فإذا كان هذا ممنوعًا، تُصوِّرت التّهمة في قصد المتبايعين إليه بأن يكونا أظهرا بيع الخيار وأبطنا بيع البتّ. وإذا وقع بيعهما في الباطن على البتّ، وأظهرا الخيار تحيّلا على أن يبقي الضّمان على البائع بالخيار مدّة طويلة، صار ذلك معاوضة عن ضمان مجرّد، وقد ثبت المنع من ذلك، كما أشرنا إليه. وهذه الطّراق التّي ذكرناها من اختلاف الإشارات إلى كونه مناسبًا للأصول أو مخالفًا لها، وإذا كان مخالفًا لها ما سبب الرّخصة فيه، قد تتعلّق بها مسائل نحن ننبّهك عليها فيما بعد، إن شاء الله تعالى.

والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: أمّا الخيار فإنّه يشترط لأحد ثلاثة أغراض.

أحدها: اختبار المبيع. كمن اشترى عبدًا فأراد اختبار نشاطه في الخدمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015