الفور. وبعض أصحابنا يشير أيضًا إلى أنّ الافتراق يسقط خياره.
وقد اختلف المذهب عندنا على قولين في التّمليك، هل يثبت للمرأة بعد الافتراق من المجلس، على ما سنبيّنه في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقدح في هذا التّأويل بأنّ الحديث يقتضي كون الخيار لكلّ واحد من المتبايعين مثل ما هو لصاحبه.
وهذا التّأويل خروج عن ظاهر الحديث. لأنّ هذا المتأوّل جعل الخيار في المجلس للبائع الّذي أوجب البيع بمقتضى ما أوجبه الشّرع من خيار المجلس، وجعل للمشتري الخيار بمقتضى ما جعله البائع له.
فطريق التّخيير مختلفة، والحديث يقتضي تساويها (?) وأيضًا فإنّه عليه السلام، علق هذا الخيار بتلازمهما، وجعل غاية سقوطه افتراقهما. ومقتضى هذه الغاية أن تكون بخلاف ما بعدها, ولا تكون خلاف ما بعدها إلاّ بأن يكون الافتراق يوجب البيع ويرفع الخيار منه، وما قبلها يثبت الخيار فيه.
وهذا المتأوّل جعل الافتراق يوجب ارتفاعَ البيع وكونَه غير لازم، مثلما كان قبل الإفتراق غير لازم، وهذا إبطال لمقتضى دليل الخطاب، وما هو كالغاية فيه، لا سيما وقد وقع في بعض الطرق: "فإذا افترقا فقد وجب البيع". وهذا كالنّصّ على فساد هذا التّأويل.
وقد اختلف في تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق هذا الحديث "المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلاّ بيع الخيار". ما المراد بهذا الإستثناء؟ فقال أصحاب الشّافعي: المراد به التّخيير في المجلس. فإذا رضي المخيّر بالإمضاء، لم يكن له الفسخ، وإن لم يفترقا، على حسب ما قدّمناه من مذاهبهم في هذا. وقال أصحابنا: إنّما المراد به البيع المشترط فيه الخيار، فإنّ الخيار يثبت فيه إلى الأمد المضروب الّذي حدّاه ولو افترقا بالأقوال أو بالأبدان. وأنكر أصحاب الشّافعي هذا التّأويل بأن قالوا: الأصل في الإستثناء أن يكون ما بعد حرف الإستثناء مخالفًا لما قبله. فإن كان الّذي قبله إثباتًا، كان ما بعد حرف الإستثناء