شرح التلقين (صفحة 1754)

نفيًا، وإن كان ما قبله نفيًا، كان ما بعده إثباتًا. والّذي كان قبل هذا الحرف المذكور في الحديث إثبات الخيار، فلا يكون ما بعد حرف الاستثناء إثباتًا للخيار أيضًا. وإنّما تصحّ حقيقة الإستثناء إذا كان المراد بقوله: إلاّ بيع الخيار، أن يقول أحدهما لصاحبه: اختر. فإنّه إذا قال له ذلك واختار الإمضاء، لزمه البيع وارتفع خياره. فيكون هذا استثناء نفي من إثبات. وأصحابنا وأصحاب أبي حنيفة يصرفون هذا الإستثناء إلى مضمر، وتقدير الكلام ما لم يفترقا، فإنّهما إذا افترقا لزمهما البيع إلاّ في الخيار المشترِط فيه أيّامًا، فيكون استثناء نفي من إثبات. ولكن بعض (?) إظهار ما أضمر مِمّا يقتضيه هذا الكلام.

ومن المتأوّلين من تأوّل تأويلًا آخر، فقال: المراد بقوله كلّ واحد منهما بالخيار في الإقالة، لا في الفسخ من غير رضي صاحبه. بدليل ما وقع في الحديث الآخر: ولا يحلّ له أن يفارقه خشية أن يستقيله.

فصرّح ها هنا في هذا الحديث بالإقالة، وكنّى عنها في الحديث الآخر. وأنكر هذا المتأوّل (?) هذا التأويل بأن الاستقالة ممكنة قبل الافتراق وبعد الافتراق، وحلال قبل الافتراق وبعد الإفتراق على حدّ سواء. وإذا كان الأمر كذلك، صار التّقييد بالإفتراق لغوًا لا فائدة فيه.

وأشار بعض أصحابنا إلى الانفصال عن هذا بأنّ فيه فائدة، وهي كون البيع لازمًا بالقول حتّى يفتقر في حلّه إلى الإستقالة، ووقع النّهي عن الفرار خوفًا منها.

وأشار القاضي أبو الفرج من أصحابنا إلى معنى آخر، وهو أنّ الإقالة في المجلس سنّة، لكون الإفتراق لم يحصل، والمشتري لم يغب على السلعة.

فتكون الإقالة في هذه الحالة سنّة، وبعد الإفتراق فضيلة. وقد تختلف مراتب المندوب إليه، فيكون بعضه سنة وبعضه فضيلة، على حسب ما تقدّم بيانه في كتاب الصّلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015