شرح التلقين (صفحة 1751)

وجوبه، بخلاف التّراضي الأوّل الّذي لم يتقدّمه وجوب خيار، فتراضيا بإسقاطه.

وعندي أنّ لهم أن ينفصلوا عن هذا أيضًا بأنّ خيار المجلس جعل تلافيًا للنّدم على ما يقع من غبن، فأثبته الشّرع توسعة على النّادم، لكونه قد يبادر الالتزام من غير رويّة. فإذا قرّر عليه الأمر وقيل له: تثبت في أمرك، وتأمّل حالك في البيع، فإن كنت مغبونًا فردّ البيع، فإنّه لا يجاوب حينئذ باختيار إمضائه إلاّ وهو على بصيرة فيه.

وأمّا من سلك مدافعة الحديث باستحالة تصوّره في بعض البياعات، كقول أبي حنيفة: أرأيت إن كانا في سفينة؛ فإنّ أصحاب الشّافعي ينفصلون عنه بأنّ السفينة إن كانت كبيرة أمكن فيها افتراقهما بالأبدان، وإن كانت لطيفة، أمكن أن يخيّر أحدهما صاحبه فيختار الإمضاء، فيلزمه ذلك. وإن لم يفترقا. وكذلك

ينفصلون عن شراء الإنسان لمن في ولأنه (?) مِمّن هو في ولأنه (1) بأنه يختار الإمضاء بعد الإستيجاب، فيرتفع الخيار، أو يفارق مكانه وينتقل عنه، فيكون ذلك كالمفارقة بالأبدان بين اثنين لمّا كان هو عقد (?) على اثنين، فجعل انتقاله عن مكانه محلّ اثنين عن مكانهما.

وأمّا من سلك طريق التّأويل، فإنّهم اختلفوا أيضًا. فالأكثر منهم على أنّ المراد ها هنا بالمتبايعين المتساومان، واستشهدوا على جريان هذه التّسمية عليهما بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبع أحدكم على بيع أخيه" (?). والمراد أنّه لا يسُم على سومه، بعد التّراكن إلى البيع. قالوا: والمراد أيضًا بالافتراق ها هنا افتراقهما بالأقوال، بأن يقول البائع: بعتك بكذا، فيقول المشتري: قبلت. واستشهدوا أيضًا على جريان هذا اللّفظ على الإفتراق بالأقوال بقوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015