شرح التلقين (صفحة 1745)

وذهب الشّافعي إلى أنّه إنّما ينعقد انعقادًا ليسَ لأحد المتعاقدين فسخه إذا افترقا بالأبدان بعد انعقاد البيع باللّفظ.

وبما قاله الشّافعي قال خمسة من الصحابة رضي الله عنهم: علي وابن عبّاس وأبو برزة الأسلمي وأبو هريرة وقال به ابن عمر ورواه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقال مالك في الموطّأ: حدّثني نافع عن ابن عمر أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (المتبايعان كلّ واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا إلاّ بيع الخيار) (?).

ورواه غير مالك عن ابن عمر وغيره. ولكن وقع في الروايات زيادات. فوقع في بعضها: (ما لم يفترقا من مكانهما)، ووقع في بعضها: (ولا يحلّ له أن يفارقه خشية أن يستقيله) (?)، وفي بعضها (ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر) (?)، ووقع في بعضها (فإذا افترقا وجب البيع).

وهذه الألفاظ الّتي زادها بعض الرّواة قد يتعلّق بها فوائد، فلهذا أوردناها. وينبغي أن نقدّم الأهمّ وهو النّظر فيما ندافع به هذا الحديث قبل أن نخوض في الأقيسة.

فاعلم أنّه قد ذكر (?) أكثر النّاس الخوض في هذا الحديث وتشاغلوا بالنّظر في مدافعته. ولو عددناهم وذكرنا اختلاف مراميهم لاتسع الأمر. ولكن محصول ما يشترون أنّ مدافعة هذا الحديث يكون بوجهين:

إمّا ادّعاء نسخه، وإمّا النّظر في تأويله واحتماله.

وقد سلك أصحابنا هاتين الطّريقتين، فزعم أشهب أنّه منسوخ. وتابعه على هذا غيره من أصحابنا عبد الملك وابن المعدل، وأشار إليه أبو الفرج أيضًا. وذكر أشهب أنّ النّاسخ له قوله عليه السلام "إذا اختلف المتبائعان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015