شرح التلقين (صفحة 1737)

الّذي بيعت من أجله، لئلاّ يبيعها هو من أرض بها زرع، فلا يجدي بيعها منه فائدة. ويكون هذا أيضًا عيْبًا فيها دُلِّسَ عليه. وإن اشتراها وقد علم هذا العيب منها بيعت عليه كما تباع على الأوّل.

وإذا علم مالكها بإفسادها للزّرع وغيره، وقدم (?) إليه فلم يصنها ليلًا ولا نهارًا، فإنّه يضمن ما أفسدت بليل أو نهار. ويكون بإهمالها كمن تولّى إتلاف ما أفسدت بنفسه فيضمنه، وإن كثر، بخلاف جنايات عبيده، فإنّه لا يلزمه القيام عنهم بقيمة ما أتلفوه، على ما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله.

وأمّا إذا كانت هذه المواشي ليس من شأنها أن تعدو في زراع النّاس فعدت على زروعهم، فإنّ مالكها يضمن ما أصابت ليلًا، لأجل أنّ على أربابها صيانتها باللّيل لكونهم يقولون حفظها (?) لأنفسهم ولئلاّ يؤدي النّاس ولا حاجة بهم حينئذ إلى تسريحها، فضمنوا ما تلف بسبب إهمالهم لما لزمهم أن يصونوه ويحفظوه من مواشيهم. فإذا كان إفسادها نهارًا، فإن بهم حاجة إلى تسريحها للرّعي، وأرباب الزّرع حينئذ أيْقاظ يمكنهم حفظ زراعهم وطرد المواشي عنها، فإن لم يفعلوا صاروا هم كالمتلفين لزروعهم. وأصل هذه الموازنة بين الضّررين. وقد اختلف حكم اللّيل والنّهار لمّا وازن بين الضّررين على حسب ما نبّهناك عنه.

وقد اختلف على قولين في قرية أراد بعض أهلها أن يتّخذ فيها حمامًا أو نحلًا، وهو إذا اتّخذها، أضرّت ببعض ما تنبته النّاس فيها، هل يمنع من اتّخاذ هذه الحمام والنّحل لكونه منعه من ذلك الضّرر فيه أخفّ من الضّرر في منع الآخرين من الإنتفاع بما أنبتوه من شجر وغيره؟ أو يباح اتّخاذ ذلك فيها، ويؤمر الآخرون بطرد هذا الّذي يضرّ بهم عن ثمارهم لكون هذا الضّرر الّذي تكلّفوه من طرد هذا الطّير أخفّ من منع أولئك من أن يتّخذ في أملاكهم ما ينتفعون به؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015