عنه سائر أمواله وحقوقه. أو يقدّر أنّ هذا إنّما قُطع مِنه يتحصّل من نيل، ولم يملك إلا ذلك. فإذا مات قبل وجود الشّرط الّذي شرط له في التّمليك، لم يملك شيئًا فيورث عنه.
وذكر أيضًا في هذا الكتاب أنّ من له أرض فيها غدير أو بركة فيها سمك، فإنّه لا يمنع النّاس منه. وتأوّل بعض الأشياخ على أنّ الأرض ليست بمملوكة له, لأنّها لو كانت مملوكة له لكان له أن يمنع النّاس ما فيها، كما له أن يمنع ماء بئر احتفره في داره لنفسه، أو ماجن احتفره في دار نفسه. ولكنّه إنّما أراد أنّها أرض خراج سلّمت لرجل ليعمل فيها ويؤخذ منه الخراج والّذي فيها لم يملكه، فلم يكن له منع ما لم يملكه. وإنّما أُضيفت الأرض إليه إضافة اختصاص وولاية حيازة لا إضافة ملك.
وتأوّل غيره من الأشياخ أنّ الأرض مملوكة لهذا, ولكنّه لا يتصيّد ما فيها, ولا يمكنه بيع, لأنّ بيع ما فيها لا يجوز، لكونه لا يحاط به. فإذا لم تكن له منفعة في هذا السمك بتصيّد، ولا في ثمنه ببيع، كان منعه مِمّا يفيد النّاس من غير ضرر به، ولا فائدة فيه، من الإضرار بالمسلمين من غير سبب يقتضي ذلك.
وقد ورد الشّرع بالأمر للمالك أن يأذن في مثل هذا، كما ذكر في الحديث أنّه "لا يحلّ لأحدكم أن يمنع أخاه أن يغرز خشبة في جداره" (?). وإن كان قد اختلف في مثل هذا، هل يجبر عليه من امتنع منه؟ أم لا يجبر عليه، وإنّما يندب إليه؟ وقد نُهي من له أرض أنبتت كلأ لا حاجة به إليه في رعي ولا بيع أن يمنع النّاس منه, لأنّه من الإضرار بالنّاس من غير غرض صحيح له في هذا الإضرار.
فكذلك المنع من هذه الحيتان الّتي ذكرها في مسئلة هذا الكتاب.
وذكر في هذا الكتاب من المدوّنة أيضًا فيمن كانت له مواشي شأنها أن تعدْوَ على زراع النّاس، فإنّها تباع عليه إذا لم يمنعها من إفساد الزّرع، وتُغرَّب إلى أرض لا زرع فيها. وينبغي إذا بيعت لأجل هذا أن يبيّن للمشتري هذا السبب