وأشار الشّيخ أبو محمّد ابن أبي زيد إلى تأويل يرفع الخلاف فيه.
واضطرب الأشياخ في من باع تمرًا قبل الزّهو على التّبقية، فجدّه مشتريه عقيب العقد، هل تعتبر فيه القيمة إذا وجبت على المشتري على الرّجاء أن تبقى حتّى تصير تمرًا، أو يُعَاهُ قبل ذلك، أو يجب فيه القيمة مطلقًا على حالته الّتي جدّ عليها. فذهب بعضهم إلى أنّ القيمة تجب على الرّجاء والخوف قياسًا على من تعدّى على زرع قبل زهوه فأتلفه، فإنّ القيمة الواجبة عليه يعتبر فيها رجاء سلامته والتخوّف من عاهته.
وأنكر أبو القاسم بن الكاتب هذا القياس، وقال: إنّما وجب على المتعدّي القيمة على الرّجاء والخوف لأجل أنّه لم يؤذن له في حصد هذا الزّرع وإتلافه قبل بلوغه الغرض المقصود منه، وهذا الّذي اشترى تمرًا على التّبقيه شراء فاسدًا قد أذن له البائع في التصرّف فيه بالجدّ وغيره، فلم يلزمه إلاَّ قيمته على الحالة الّتي جدّه عليها, لأنّ الّذي منع منه من رجاء بقاء الثّمرة حتّى تصير تمرًا، لم يكن منه إلاّ بإذن البائع، فلا مطالبة عليه بأن حرمه منفعة هو أذن له في حرمانه إيّاها.
وأشار بعض الأشياخ إلى اعتبار هذا الشّرط للتّبقية، هل هو حقّ للمشتري خاصّة إن شاء أبقى الثّمرة إلى أن تصير تمرًا، وإن شاء لم يبقها، فيكون ما قاله ابن الكاتب هو الصّوَاب، لكون المشتري لم يمنع البائع من حقّ له ولا منفعة.
أو يكون للبائع في هذا حقّ، لكون الجدّ قبل الطّياب يؤدي شجره ويضرّبه، ومن حقّه أن يمنع ما يضرّبه، فيحسن ما قاله الآخرون من اعتبار القيمة على الرّجاء والخوف.
وهذا التّفصيل يقتضي أن يكون حقّ البائع في المطالبة بما لحقه من الضّرر في شجره، لا قيمة ما حُرِمه من رجاء طِياب الثّمرة، إذ لا حقّ له في ذلك إذا لم يكن له فيه منفعة ولا تلحقه مضرّة.
وكان بعض أشياخي يرى أنّ من باع ثمرة قبل الزّهو، فتركها مشتريها