حتّى صارت رطبًا فجدّها، أنّ البائع لا يلزمه أخذ عين الرّطب المجدود، ولو كان قائمًا، لكون الواجب على المشتري القيمة على الرّجاء والخوف. وإذا أخذه رطبًا هضم من حقّه المنفعة الّتي كان يرجوها، وهذا منه ذهاب إلى إحدى الطّريقتين الّتي ذكرناها عن بعض الأشياخ.
فإذا تقرّر أحد الأسباب المفيتة، وهو إخراج المبيع بيعًا فاسدًا عن يد مشتريه، فإنّ ذلك يكون بأنواع منها البيع، وقد استقصينا الكلام عليه إذا وقع بعد قبض المبيع أو قبل قبضه. ومنها الهبة والصدقة والعتق، وحكم ذلك حكم البيع الواقع بعد القبض أو قبل القبض. وكذلك ما يؤدّي إلى الخروج عن الملك كالكتابة والتّدبير والاستيلاد والعتق إلى أجل، فإنّ جميع هذه الأمور مفيتات للبيع الفاسد، والحكم فيها كالحكم في البيع إذا وقع قبل قبض المبيع أو بعده، جميع ذلك يجري على أسلوب واحد.
ومن الأسباب المفيتات ما ذكرناه فيما تقدّم من تعلّق حقّ غير البائع والمشتري بهذا المبيع بيعًا فاسدًا، وذلك كرهن السلعة المبيعة بيعًا فاسدًا أو إجارتها أو إخدامها إن كانت حيوانًا، ووقعت الخدمة إلى أجل حتّى تجري مجرى الإجارات في حكم الفوت.
وممّا قد يعدّ قسمًا خامسًا في المفيتات الوطء للأمة اشتريت شراء فاسدًا، فإنّ في الموّازيّة أنّ ذلك فوت. وإنّما لم نثبته نحن قسمًا لأنّ التّعليل لهذا المذهب يلحق هذا القسم بأحد ما ذكرناه من الأقسام المفيتة، وذلك أنّ الوطء يوجب منع البائع من وطء هذه الأمة الّتي باعها بيعًا فاسدًا، ويوجب إيقافها لأجل الاستبراء، وهذا أمر يحول بينه وبين ملكه، ويمنعه من الانتفاع به، فلهذا وجبت القيمة فيه. وجرى ذلك مجرى نقل العروض والطّعام من بلد إلى بلد في كون ذلك فوتًا، لمّا حال بين البائع وبين قبضه، لمّا وجب أن يُرَدَّ عليه. ولكن مقتضى هذا التّعليل أنّ الأمة المبيعة بيعًا فاسدًا لو كانت من الوخش اللاّتي لا يردن للوطْء، لم يكن الوطْء فوتًا لكونه لم يمنع البائع إذا ردّت هذه الأمة عليه