فلم ينخرم ما أصّلناه، ولم يُبَح البيع والشّراء إلاّ في منتفع به في الدّنيا والآخرة.
وأمّا ما يصح بيعه وتملّكه فإنّه كلّ ما يجوز الانتفاع بسائر منافعه المقصودة فيه، كالثّوب والدّار والدّابة، وغير ذلك مِمّا في معناه. فإنّ ما ذكرنا من ثوب ودابّة ودار يصحّ الانتفاع بسائر منافعه المقصودة منه، فلهذا جاز تملّكه وبيعه.
وأمّا ما اختلف حكم منافعه بأن حلّ بعضها وحرّم بعضها، فإنّك تنظر ها هنا، فإن كانت المنفعة المحرّمة مقصودة مرادة في نفسها، والمنفعة المباحة مقصودة مرادة في نفسها، فإنّ هذا القسم يصحّ تملّكه ولا يصحّ بيعه. أمّا جواز تملّكه وبقائه في اليد، فلأجل حاجة مالكه إلى تلك المباحة فيه. وأمّا منع بيعه فلأجل أنّ الثّمن المبتذل فيه إنّما بذل عن سائر منافعه من غير تخصيص ولا تعيين. وإذا كان الأمر هكذا، فقد صار الثّمن مبذولًا عن محرّم ومحلّل، فوجب فسخ العقد وإبطاله كلّه, لأنّ الّذي يقابل المنفعة المحلّلة من الثّمن مجهول حين العقد، والّذي يقابل المنفعة (?) ممنوع فيه البيع والمعاوضة، فبطل الجميع، هذا لكونه ثمنًا لمحرّم، وهذا لكونه ثمنًا مجهولًا عوضًا عن مباح، ومن اشترى ما يحلّ تملّكه وبيعه بثمن مجهول، فإنّ ذلك فاسد لا يجوز. وقد مضى هذا فيما تقدّم لمّا تكلّمنا على حكمٍ صفتُه (?) جمعت حلالأوحرامًا، كبيع قلّة خلّ وقلّة خمر بثمن واحد في عقد واحد. لكن قد يقع في هذا الامتزاج إشكال بأن تكون المنفعة المحرّمة لا يتّضح كونها مقصودة في بعض المتملّكات أو المنفعة المباحة. فيُفرض ها هنا إشكال: هل هذا المقصود عليه الّذي اختلف حكم منافعه يلحق بما حرُم سائر منافعه لمّا كان ما يباح منه يشكل أمره، هل هو غير مقصود في حكم العدم؟ أو يكون هذا الإشك الذي المنفعة المحرّمة، فيلحق بما أبيح سائر منافعه (فيلحق) (?) ها هنا اختلاف في المذاهب، أو يزول بهذا عن طبقة التّحريم إلى الكراهيّة؟ فهذا هو السرّ الّذي من انكشف له وأجراه كما ينبغي