شرح التلقين (صفحة 1645)

في سائر فروع هذا الباب (?) وصحّ له وجه الاتّفاق أو الاختلاف في المذاهب فيها. وقد تكلّمنا على هذا في كتابنا المترجم بالمعلم (?).

والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: الأصل في منع بيع النّجاسات ما تقدّم من الحديث المذكور فيه أنّه عليه السلام لمّا نهى عن بيع الميتة قيل له: إنّها تطلى بها السفن ويستصبح بها. فقال: "لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشّحوم فباعوها وأكلوا ثمنها" الحديث المشهور. فأشار إلى أنّ ما منع الانتفاع به منع أخذ ثمنه، لمَّا بسطنا وجْه المنع منه فيما تقدّم. فمن هذا النّوع الزّيت الّذي ماتت فيه فأرة، فإنّه لا يجوز بيعه في المشهور من المذهب. وأجاز بيعه ابن وهب إذا بيّن. واشترط غيره في جواز بيعه ألاّ يباع من مسلم. فإذا عرضت هذه المذاهب على ما تقدّم بيانه من التّعليل، علمت سبب هذا الاختلاف. وأنت قد علمت أنّ الزّيت أحد منافعه أكله، وهي منفعة مقصودة فيه، وفيه منفعة أخرى وهي وقيد ودهن ما يحتاج فيه إلى ترطيبه أو حفظه بالزّيت. فأمّا الأكل فإنّه ممنوع منه ما دام نجسًا، لا سيما إذا كانت النجاسة ظاهرة فيه. وأمّا وقيده في غير المساجد الّتي يحترم (?) أن يوقد فيها النّجاسات، فإنّ المشهور من المذهب جوازه. وقال ابن الماجشون: لا يجوز ذلك، ولو أجزناه لأجزنا الانتفاع بشحم الميتة. فأشار إلى الانتفاع بشحمٍ لا يخالَف فيه، ولذلك جعله حجّة على من أجاز الاستصباح. بشحم (?) الميتة، والانتفاع به يجوز على مقتضى من أجاز الاستصباح بالزّيت النّجس. ويمكن عندي ألاّ يلزم هذا المذهب ما ألزم عليه شيخنا لكون أجزاء شحم الميتة نجسة كلّها نجاسة ترجع إلى العين، ولا يمكن تطهيرها. والزّيت النّجس إنّما اجتنب لأن فيه أجزاء يسيرة وهي ما يحلّ فيه من أجزاء ميتة أو غيرها, ولو تميّز هذا النّجس من الأجزاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015