شرح التلقين (صفحة 1289)

القيمة بدلًا من العين يجب ردها إذا كانت قائمة وادعيا ما لا يشبه، وقد تحالفا وتناكلا. ولو ادعيا جميعًا ما لا يشبه، مع فوت السلعة، ونكل أحدهما عن اليمين ولم ينكل الآخر، يقضى للحالف منهما بما ادعاه وإن كان ذلك مِمَّا لا يشبه، ذكر ذلك ابن مزين عن مالك. ووجهه أن الناكل قَدَر أن يحلف، وينفي عن نفسه طلب الآخر، فلما نكل عن اليمين ومكّن الآخر منها صار كالراضي بما ادعاه الحالف، وإن كانت دعوى الحالف لا تشبه. ولو نكلا جميعًا عن اليمين، مع فوت السلعة في يد المشتري، وقد ادعيا ما لا يشبه، فإن الواجب على مقتضى الأصول التي قررناها القضاء بقيمتها. ورأى ابن أبي زمنين أنه يتخرج في ذلك من الخلاف بما كنا قدمناه من تناكل المتبايعين، والسلعة قائمة، أن ابن القاسم يقضي بنقض البيع، وابن حبيب ذكر عن مالك أن البائع يصدق لكونه قد استحق أن يبدّأ به قياسًا على سائر الدعاوي في تصديق المبدّأ باليمين على حسب ما كنا بسطنا القول فيه، ودفعنا ابن حبيب عن قياسه على سائر الدعاوي لكون اليمين ها هنا التي بدَّأنا بها يترقب دفعها بيمين الآخر، فكذلك يجب ها هنا إذا تناكلا مع فوت السلعة وقد ادعيا ما لا يشبه أن يكون الواجب ردَّ القيمة بدل العين، على مذهب ابن القاسم، ويكون الواجب تصديق المشتري المبدإ باليمين مع فوت السلعة ها هنا، على ما حكاه ابن حبيب. وهذا التخريج مما يفتقر إلى بسط؛ لأنه إذا ادّعيا ما يشبه، والسلعة قائمة، استحق البائع أن يبدّأ باليمين، لظاهر الحديث على حسب ما قدمناه. فإن ادعى ما لا يشبه فقد صارت دعواه مدفوعة بكونه ادعى ما لا يشبه، ولم يستحق أن يحلف على هذه الدعوى التي لا تشبه، وهذا مما يفتقر إلى بسط.

وأما الوجه الرابع وهو بيان زمن الفسخ إذا تحالفا، فإنه اختلف فيه عندنا: هل يقع الفسخ بنفس التحالف، كما ذهب إليه سحنون، أوْ لاَ يقع إلا بحكم، لقول ابن القاسم: إذا تحالفالأولم يحكم بالفسخ فللمشتري قبولها بما ادعاه البائع. وبعض أشياخي يحكي قولًا ثالثًا وهو وقوع الفسخ بتراضيهما عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015