شرح التلقين (صفحة 1288)

يمين البائع والمشتري، هل يطلب من كل واحد منهما يمين على النفي إذا نكلا عنها جميعًا طلب من كل واحد منهما يمين على الإثبات، على حسب ما بيناه فيما تقدم. فعلى هذه الطريقة يصح ما قاله أبو الوليد الباجي، ولكن تكون صورة اليمين الأولى أن يحلف كل واحد فنهما على النفي فإذا تناكلا استُحلفا بعد ذلك على الإثبات، على حسب بيناه فيما تقدم. وما أحد من أهل المذهب يقول ها هنا بتكرير اليمين على البائع، وقد قدمنا أن البائع إنما أضاف إلى يمين النفي يمين الإثبات لأجل ما يتوقعه من الضرر بتكرير اليمين إذا نكل المشتري.

فإذا كانت العلة عند أهل المذهب في استحلافه على الإثبات قبل نكول المدعى عليه رفع الضرر عنه بتكرير اليمين عليه من الحرص على تقليل الأيمان ما أمكن، كانت هذه العلة تنقض على أبي الوليد قولَه؛ لأنه إذا طلبه باليمين بعد تناكلهما جميعًا صار تكرير اليمين على الإثبات بعد أن قدمها مخافة ألا يتكرر عليه، وهذا كالمناقض، وإن ما لاح لأبي الوليد ما قدمناه من كون هذه اليمين مترقب ارتفاعها فلا توجب غرامة لو أوقعت فأحرى أن لا توجب غرامة إذا لي توقع ونكل عنها. وقد بينا عزْوَ أهل المذهب في تقدمتهم هذه اليمين، وأن العلة عندهم خوف التكرار، وأن الحالف لما وجب أن يقدم في يمين النفي أُسند إليه يمين الإثبات فصار ذلك كجزء من يمين النفي وصار بمعنى واحد. وإذا كانت يمين النفي تفيده البراءة، وهذه اليمين التي أسندت إليها تفيده الإثبات، واستحقاق الطلب بحكم إسنادها إلى يمين النفي، وجب أن يجري مجرى الأيمان التي لو أوقعت لم يقدر على رفعها بيمين أخرى.

وهذا الذي قلناه في رد ما ذهب إليه أبو الوليد الباجي واضح لمن تأمله.

وقد قدمنا أن مراعاة الأشبه مع قيام السلعة فيه الاختلاف الذي ذكرناه. وأمّا مع فوتها فإنه لا خلاف فيه عندنا أنه يراعَى دعوى الأشبه، فإذا فاتت السلعة في يد المشتري صُدق في مقدار الثمن إن ادعى ما يشبه، فإن ادعى ما لا يشبه صُدق البائع في مبلغ الثمن الذي ادعى، إن ادعى أيضًا ما يشبه. فإن ادعيا جميعًا، البائع والمشتري، ما لا يشبه، تحالفا وقضي على المشتري بالقيمة، وتكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015