شرح التلقين (صفحة 1287)

وقال أبو الوليد الباجي: لا بد من يمينه؛ جنوحًا منه إلى الطريقة التي ردَدْنا بها ما حكاه ابن حبيب لأجل أن اليمين التي عرضت على البائع أوَّلًا لو أوقعها لم يستحق بها على المشتري الثمن الذي يدعيه، بل أمرها مترقَّب هل يحلف المشتري فلا تفيده يمينه شيئًا، ولأجل ترقب عدم هذه الفائدة (?) يقع التشاح في من يبدأ باليمين؛ لأن كل واحد من المتبايعين قد يريد أن يؤخر رجاءَ أن ينكل صاحبه فيحلف هو يمينًا تفيده تصديقه والقضاءَ له بمضمون ما يدعيه. وإذا كانت هذه اليمين يترقب رفع حكمها بيمين المشتري لم يلحق باليمين التي يستقر الحكم بإيقاعها ولا يترقب ارتفاعه. وإذا كانت لو أُوقعت لم توجب على المشتري غرامة ما يدعيه موقعها، فكذلك إذا نكل عنها ذلك أَوَّلًا لا توجب على المشتري غرامة ما يدعيه الناكل؛ لأن إيقاعها آكد في تصديقه من النكول عنها، فإذا لم يستفد لإيقاعها غرامة المشتري ما يدعيه لم يستفد بالنكول عنها.

وهذه الطريقة التي سلك أبو الوليد الباجي مقتضية (?) من الطريق الذي رددنا به قول ابن حبيب. فإذا حمل على ابن حبيب مخالفة هذه الطريقة التي نبهنا عليها، وحمل عليه أنه يُجري الدعاوي كلها مجرى واحدًا فيحكم بتصديق المبدّأ باليمين، ولا فرق بين يمين توقع يترقب رفع حكمها، أو يمين توقع لا يترقب رفع حكمها، اقتضى هذا أن يصذق البائع إذا تناكلا جميعًا، من غير أن يطلب منه يمين، على حسب ما صورناه في مدع ومدعى عليه تناكلا، أو رجل قام له شاهد فنكل عن اليمين هو والمطلوب. ولو لم يسلك هذه الطريقة ويُجري هذه الدعاوى مجرى واحدًا في حكم النكول لوجب عليه أن يقول بما قاله ابن القاسم: إن البيع يرد، لأجل ما نبهنا عليه من الفرق بين هذه الدعوى وغيرها من الدعاوي. وقد كنا ذكرنا لك قبل هذا اختلاف أصحاب الشافعي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015