شرح التلقين (صفحة 1267)

على ترك التناجز. وسنذكر الغلبة على المناجزة في الصرف في موضعه إن شاء الله.

تطلبنا النظر في وجه آخر قد تُعقَّب به المسألة. وذلك أن الإقالة في الطعام على أقل من رأس المال لا تجوز لكونها بيع الطعام قبل قبضه، والشرع إنما رخص في الإقالة لكون الثمن إذا رُدّ على ما هو عليه صار ذلك حَلاّ للعقد الأول، فإذا رد أقل من ذلك أو أكثر، صار ذلك ابتداء بيع الطعام قبل قبضه، فلم يجز ذلك. فيقتضي هذا كون الإقالة فاسدة على مقتضى دعوى المشتري؛ لأنه يقول: أسلمت عشرة دنانير في طعام، ثم أقلْتُ منه، ومن شرط إقالتي وجوازها كوني لا آخذ أقل من رأس المال، (فإذن قضيتم عليّ بإمضاء الفساد وإِتمام ما لا يجوز على مقتضى قولي) (?).

وهذا التعقب دعا بعض الأشياخ إلى أن قال: يمكن أن يكون ما وقع في المدونة المراد به أن السلم وقع في عروض، والعروض يجوز بيعها قبل قبضها، والإقالة على أقل من رأس المال. فلهذا لم يشر في المدونة إلى تعقب المسألة من جهة دعوى المشتري، ويتضمن دعواه كون فعلهما فاسدًا. ويشير أيضًا إلى أن الإقالة وقعت على الصحة والجواز، وإنما تعاقدا على لأرأس المال لا أكثر ولا أقل. فبعد فردت (?) الإقالة الصحيحة جحد البائع بعض الثمن فلا يؤثر ذلك في صحة الإقالة. وهذا قد يجاب عنه بأن الإقالة ها هنا يعتبر مع صحة عقدها صحة التقابض فيهلالما قدمناه من منع تأخير رد رأس المال وإن لم يشترط في أصل الإقالة تأخيره. وإذا كان القبض فيها معتبرًا والعقد موقوفًا على صحته اقتضى ذلك تعقب هذه الإقالة من جهة دعوى المشتري، لكونها تتضمن أن كونه فاسدًا لا يجوز العقد عليه، لكن لا يجب تصديقه في الفساد مع دعوى البائع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015