شرح التلقين (صفحة 1268)

صحة الإقالة، إذ المختلفان في صحة العقد وفساده لا يصدق مدعي الحرام ويكذب مدعي الحلال، على ما سيرد بيانه. وإذا لم يجب تصديق المشتري على البائع وجب أخذ كل واحد منهما بمقتضى قوله، فيترك البائع وما هو عليه لكونه لم يقرّ على نفسه بفساد. ويقال للمشتري: أنت أقررت على نفسك بفساد الإقالة، وإذا فسدت وجب ردّكما إلى انعقاد السلم على ما كان عليه، فيوقف المقبوض من الثمن حتى يحل الأجل فيشتري له مثل مالَه في ذمة البائع من السلم، فإن وفَّى فلا مطالبة له ولا عليه، وإن قصر ما قبض على ثمن ما لَه في الذمة من السلم، كان ذلك جائحة عليه لكونه لا يصدق على البائع لما قدمناه.

وإن فضلت فضلة مما قبض، بعد أن اشتريت له المكيلة التي له في الذمة، كانت تلك الفضلة على قوله للبائع توقف له حتى يرجع إلى تصديق المشتري، فيأخذها أو يتصدق بها.

وقد أشار بعض الشيوخ إلى ما قدمناه من حمل مسألة المدونة على أن الإقالة كانت صحيحة لقوله: تناقضا السلم؛ وأنه قد يمكن أن يكون ذلك في العروض فلا يكون في المسألة تعقب، أو في الطعام فيعتبر يكون الإقالة انعقدت على الصحة، ووقع الجحود بعد ذلك. لكنه بعد هذا أشار إلى أنهما في الإقالة الصحيحة يتحالفان ويتفاسخان. وأشار بعض أشياخي إلى أن التحالف والتفاسخ هو البخاري على أصل ابن القاسم، على حسب ما يراه في اختلاف المتبايعين في الثمن، وأن القول قول البائع، كما ذكر في المدونة على رواية من يرى أن القبض فوت؛ لأن البائع قابض لرأس المال ولما عليه من السلم.

وهذا عندي يستند إلى أن الإقالة كابتداء بيع فيجري فيهما من الخلاف ما قدمناه، أو الإقالة حلّ بيع فيصدَّق الغارم، وهذا مما ينظر فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015