شرح التلقين (صفحة 1266)

والثاني: أن يختلفا في الثمن فيتحالفان ويتفاسخان، ويدعي المشتري على البائع أنه دفع إليه أكثر مما أقر به البائع، فيصدق البائع ها هنا أيضًا، لكون المشتري يدعي دينًا عليه وهو ينكره.

والوجه الثالث: أن يتقايلا في بيع صحيح، ويختلفا في الثمن، فها هنا قال في المدونة: إذا تناقضا السلم واختلفا في رأس المال، فالقول قول البائع.

وهذه مسألة تنازع الأشياخ في تأويلها، فقال بعضهم: محمل هذا الذي ذكر في المدونة على أنهما تناقضا البيع لكونه منقوضا في الشرع لأجل فساده، فيكون القول قول البائع، لما قدمناه في القسم الأول، ولا يكون في المسألة تعقّب؛ لأن العقد منتقض وردّ ما نقض واجب، والقول قول غارمه.

وأشار بعضهم إلى أن قوله: تناقضا السلم؛ ظاهره أنها إقالة وقعت باختيارهما؛ لأن قوله: تفاعلا، يقتضي أن كل واحد مثهما دخل في العقد كما دخل فيه الآخر باختياره، كما يقال: تضاربا وتقاتلا. لكن حمل المسألة على أنها إقالة يكون قوله: تناقضا السلم، يشير إلى كونها إقالة تتعقب، لقول سحنون: إذا أسلم إليه في طعام فتقايلا واختلفا في رأس المال أن الإقالة منفسخة. وقال بعض الأشياخ إنما ذكر سحنون كونها منفسخة لأجل النزاع في الثمن الذي وقع به العقد (?) بحكم التقايل بل رده يفتقر فيه إلى خصام وترافع إلى الأحكام (?)، ومن شرط الإقالة في السلم أن يتناجزا في رأس المال، ولا يجوز تأخيره ولا تأجيله لئلا يقع في فسخ دين في دين، وهذا التعليل الذي عللوا به ما قاله سحنون إنما يطرد حيث لا يحضر الخصمين الحكام؛ فلو صورت المسألة في مختلفين في رأس المال وقد تقايلا، والحاكم حاضر يقضي بينهما في الحال من غير تأخير، لبطل هذا التعليل، ومن حق التعليل أن يكون متصورًا في سائر فروع المسألة وأحوالها. فإذا وضح ارتفاع هذه العلة حيث يحضر الحكام لا سيما أن التأخير ها هنا بغلبة أحدهما وجحوده الحق، فيصير الآخر مغلوبًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015