شرح التلقين (صفحة 1265)

ينكر البيعَ به، فصار دلالة سبق ملكه وحيازته أَرجَحَ من دلالة العرف، لا سيما إن ثبت الحديث بإيجاب التحالف عند التنازع، على حسب ما قدمناه عند ذكرنا الأحاديث. فإنه إن ثبت لم يعدَل عنه، ولم يردّ شواهد أصول قد أُرسِيَ وجة القدح في التعلق بها. وبعض أشياخنا يشير إلى أن هذا الاختلاف في تصديق من ادعى ما يشبه إنما يتصور إذا كانت دعوى من ادعى ما يشبه مما يمكن، لكن الغالِبَ خلافها. وأما إذا كانتْ من الوضوح في الاستبعاد تكاد تلحق بالمحال، فإنه لا يختلف ها هنا أن من ادعى ما لا يمكن، لا يصدق، بل يصدق صاحبه، كمن زعم أنه اشترى سلعة قيمتها ألف دينار بدينار، وهو والبائع عارفان بالقيمة، فإن هذا يكاد يلحق بما لا يمكن، بل يلحق بمن أقر بالبيع والشراء وكتم الثمن، فإنه يصدق من ادعى معرفة الثمن، ويختلف في استحلافه. وقد أشار بعض الشيوخ إلى أن الذي تقرر من الروايات عن مالَك ثلاث روايات:

1) تصديق المشتري إذا قبض السلعة وبأن بها. وأن هذه رواية ابن وهب.

2) وتصديقه إذا فاتت بحوالة سوق أو تغيُّر بدنٍ ..

3) والتحالف وإن فاتت.

وهذه الثلاث روايات رواها اين القاسم بن مالك. وغيرُه يشير إلى أنها أربع روايات، وأن ابن وهب روى عنه: أن المشتري إذا قبضها صدّق.

فهذا ضبط الخلاف والكشف عن الطرق التي من أجلها وقع الخلاف. وإذا وضح لك الحكم في الاختلاف في مقدار الثمن المقصود منه النزاع فيما يجب على المشتري فلنذكر الاختلاف في الثَّمن المقصود منه ما يجب على البائع رده. وذلك يكون بثلاثة وجوه:

أحدها أن يكون بفساد عقدهما ورد الثمن المقبوض، فيقول البائع: إنما كان الثمن ثمانية دنانير وهي التي قبضتُ. ويقول المشتري: بل عشرة، وهي التي دفعتُ إليك. فها هنا يصدق البائع لأن العقد منحلّ، فصار محصول هذا التنازع أن المشتري يدعي على البائع دينًا يستحق أخذه منه، والبائع ينكر ذلك، والمنكر هو المصدق مع يمينه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015