شرح التلقين (صفحة 1264)

عليها حقيقة قوله "ويترادان". فهذا طريقة من منع من التحالف مع الفوت. لكن ما قيل عندنا: إن قبض المشتري يوجب تصديقه وإن لم ينصرف بالسلعة، إنما صار إلى ذلك من قال به، لأجل أنه ترجحت عنده جهة المشتري بالقبض؛ لأنها لو هلكت في يديه بعد قبضها لضمنها، وضمانه إياها يوجب قوة جهته في هذا الاختلاف. كما قيل: إن من باع سلعة من واحد ثم من آخر، أن الآخر أحق بها إذا قبضهلالأجل ضمانه لها أيضًا، فإن تسليمها للمشتري كالائتمان له على الثمن، لكن القول الآخر أنه إنما يصدق إذا بأن بها، قدر حقيقة الائتمان في الثمن إنما يتصور إذا ترك البائعُ المشتريَ ينصرف بها، ثم يطلبه بالثمن، ولعل اشتراط الانصراف بها التفاتٌ لقول من قال: المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا.

فكأن البيع لم ينعقد إلا بالافتراق.

وأما من ذهب إلى تصديق من ادعى ما يشبه مع قيام السلعة، وهو مذهب مطرف وابن الماجشون واختاره أصبغ، وحكى ابن المواز عن أشهب في اختلافهما في المقدار والجنس: أنه إن عرف صدق أحدهما وكذب الآخر كان القول قول من عرف صدقه. وهذا موافقة لما حكيناه عن هؤلاء، وهو الذي يسبق إلى النفس عند اعتبار أصخول المذهب؛ لأن المذهب مبني على تصديق من شهد بصدقه العرف والعاهة (?)، كما قالوا في اختلاف الزوجين في متاع البيت: إن ما يعرف بالرجال دون النساء يكون للرجل، وما يعرف للنساء دون الرجال يكون للمرأة. واستدل على ملك الحائط الفاصل بين دارين بما تدل عليه العوائد من شواهد القُمُط وغيره (?)؛ فكذلك إذا اختلفا في الثمن يجب أن يصدق من ادعى الثمن الذي الغالبُ التبايع به، دون من ادعى ما لا يتبايع به غالبًا في تلك السلعة. ومن خالف هذا المذهب من أصحابنا يرى أن العوائد إنما تجعل أدلة على التصديق عند التنازع إذا لم يترجح أحد المتنازعين على صاحبه بدلالة ينفرد بها؛ والبائع ها هنا قد ترجح جانبه، فإن مِلْك السلعة سابق لهْ وهو يُدَّعَى عليه أنه انتقل عنه بثمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015