شرح التلقين (صفحة 1253)

والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:

اختلف في التصديق في الطعام المسلم فيه. فأجازه في المدونة ومنعه في الموازية. فإذا عللنا، لما أشرنا إليه وبسطناه من تعليل مالك رضي الله عنه في بيع النساء، فإنه قد يجد نقصًا فيصفح عنه رجاء أن يؤخره بالثمن المؤجل، لم يطرد هذا في السلم لقوله: لا دين يبقى بينهما بعد قبض الطعام المسلم فيه.

وأمّا إن عللنا برفع الخصام والأيْمان، فإنه يحسن النهي عن هذا في السلم وفي بياعات النقود (?) -على حسب ما قدمنا. ولكن بياعات النقود (1) - لم يختلف فيها من تقدم من أصحابنا كما اختلفوا في السلم. فيطلب في السلم معنى آخر، وما ظهر فيه وجه سوى أن الطعام المشترى فيه غير معين كما يكون في بياعات النقود (1) - وإنما يعطيه طعامًا من ذمته يطابق الصفة التي تواصفاها في أصل عقد السلم: فقد يعطيه أجود من الصفة التي يقضى بها عليه عند المشاحة. فإذا اطلع على النقص تجافى عنه لئلا يسترد الطعام الذي هو أجود مما له في ذمته فيقعان بذلك في الربا لأن الأخذ في السلم طعامًا أجود وأقل كيلًا لا يجوز. هذا حكم التصديق فيما في الذمة ..

وأما التصديق في رأس مال السلم فاختلف الأشياخ فيه. فذكر عن الشيخين أبي محمَّد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي رضي الله عنهما أنهما أجازا دفع دينار في طعام على تصديق قابض الدين دافعه في وزنه. وإنما ينهى عن دفع الدينار بغيبر وزن ولا يعرفان وزنه، فيكون هذا جهالة في الثمن. أو كبيع الدنانير جزافا. وخالفهما غيرهما ونهى عن ذلك. وما أراه إلا أنه قدر أن قابض الدنانير قد يطلع على نقص فيه (?) فيتجافى عن طلبه رجاء أن يؤخره بالسلم. وقد قال الشيخ أبو القاسم بن الكاتب في الطعام المسلم فيه: إنه لو قدمه قبل الأجل لنهي عن التصديق فيه لئلا يقعا في: ضع وتعجل. فإذا اطلع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015