شرح التلقين (صفحة 1252)

وقد أمر الله سبحانه بالإشهاد في التبايع رفعًا للخصام والأيمان.

وهذا الذي اعتل به يمكن أن يكون إليه نحا القاسم بن محمَّد. على أن مالكا رضي الله عنه ذكر في الموطأ أن هذا جائز في بياعات النقد. ثم أشار إلى أن المنع من ذلك في بياعات النساء حماية للذريعة فيما يتخوف من الربا (?). ثم قال: والذريعة في بيع النساء أبين. وهذا اللفظ ربما اقتضى أن في بيع النقد ذريعة ولكنها لا تَبيَّنُ كبيانها في بيع النساء. والذي نذكره من التعليل في بيع النساء قد يصلح إجراؤه في بيع النقد.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

قد ذكرنا في السؤال الأول ما أشار. إليه مالك رضي الله عنه في تعليل النهي عن التصديق في المكيلة في بيع النساء. وبسط كلامه أن الطعام إذا بيع نسيئة ربما اطلع المشتري على نقص في الكيل فيقف على ذكره والخصام فيه لئلا يسترد البائع طعامه، ويسيء اقتضاعه الثمن عند حلول الأجل، لأجل ما قدم المشتري من طلب حقه في النقص، فيتجافى المشتري عنه رجاء: في مسامحة البائع في الاقتضاء والتأخير في الأجل. فيكون تجافيه عن طلب هذا كهدية المديان وهي زيادة منه يرجو بها التأخير. فضارع ذلك ربا الجاهلية، وهو قولهم: تقضي أو تُرْبِي. مع أنه أيضًا أخذ مكيلة مجهولة المقدار عنده في حكم اليقين والقطع، ويمكن أن يكون أقل مما اشترى من الكيل أو أكثر، فيصير أخذ طعامًا في أكثر من الطعام الذي اشترى أو أقل. فضارع ذلك ربا الفضل (?).

وهكذا رأيت أصحاب الشافعي عللوا أخذ الطعام من الغريم على التصديق بأن قالوا: أخذ ما لا يَدري هل هو مثل حقه أو أقل؟ فنهي عن ذلك لأجل هذا.

وهذا التعليل يشير إلى ما قدمناه عنهم من أن هذا يجري في بيع النقد. ويكون هذا تعليلًا أيضًا لما حكيناه عن القاسم بن محمَّد وغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015